مصر والخروج من منزلق العنف

ت + ت - الحجم الطبيعي

ان يفضي العنف الذي استشرى في عدة محافظات مصرية يوم الجمعة الماضي إلى مقتل 35 قتيلا و1404 مصابين يعني أن الشرخ الذي قسم النخبة السياسية المصرية إلى فسطاطين قد انزلقت آثاره بخطورة شديدة إلى الشارع الذي سهر في كر وفر واقتتال خطر يشيع طقسا مكفهرا وسوداويا لا يمكن أن يبعث على الأمان أو الارتياح.

إنه يتعين على كل مكونات الجماعة المصرية بكافة منابتها ومشاربها إدراك أن اللجوء للعنف لن يبدد خلافا، ولن يفكك تقاطعات، ولن يساعد على انتقال الدولة إلى توالي الشروع في جهد تنموي يعوض خسائر فادحة لحقت بالاقتصاد المصري، وأدت إلى نزف مستمر سيحتاج علاجه إلى سنوات أخرى قادمة، كما لن يساعد اللجوء للعنف في إقامة مؤسسات الدولة، وشرعنة التوجه إلى المستقبل في محاكاة لأمم عصامية بنت نفسه بنفسها، واستطاعت خلال عقدين أو ثلاثة أن تنافس في الأسواق العالمية للكبار.

العنف والتشتت السياسي والتنابز بين مكونات الجماعة الوطنية المصرية، واستمرار التربصات والتراشق الإعلامي لا يمكن أن يفضي إلى استقرار تحتاجه مصر أشد الحاجة بعد طول اضطرابات، وبعد غياب مؤسسات حتمية لانتظام المخرجات التشريعية الضرورية، وبعد غياب متصل للثقة بين مكونات الجماعة الوطنية المصرية، ومن ثم فالمطلوب الآن ليس حل مشاكل متراكمة من خلال العنف في الشارع المصري، بل يتطلب الأمر الاستعانة بأدبيات الحوار الوطني الملتزم والمسؤول من أجل حل هذه التراكمات، ولفتح صفحة جديدة تزداد فيها اللحمة الوطنية، وذلك تحت سقف ديمقراطي يكون الاعتبار الأول فيه للإرادة الشعبية التي لا يجب أن تعلوها إرادة.

إننا نثق في وطنية وقدرة الأشقاء في مصر على الانتقال إلى طاولة الحوار بدلا من هذا العنف الذي تسيل فيه الدماء ويعمق الجفوة ويضعف النزعة الثأرية التي تضرم النار في الصدور وتباعد بين الاخوة في الوطن الواحد والمصير. 
 

Email