السنوات العشر الحاسمة منذ عودة عرفات حتى استشهاده

ت + ت - الحجم الطبيعي

في 1 تموز ١٩٩٤ عاد الزعيم التاريخي ياسر عرفات الى ارض الوطن واستقبل استقبال الابطال في غزة وكانت مشاعر الشعب الفلسطيني كله معه في تلك الخطوة التاريخية التي شكلت كما كنا نأمل جميعا بداية تأسيس الدولة الفلسطينية بعد سنوات طويلة من الصراع والاقتتال والتضحيات والمعاناة والتهجير.

كان ابو عمار قد وقع اتفاقات اوسلو وتبادل الاعتراف بين اسرائيل والدولة الفلسطينية التي تمثلها منظمة التحرير الفلسطينية لأول مرة في تاريخ الصراع الفلسطيني الاسرائيلي وكانت الآمال كبيرة وكانت التضحية كبيرة، فقد تم التوافق على اقامة الدولة في حدود ١٩٦٧ فقط والاعتراف باسرائيل في داخل الخط الاخضر وتم تأجيل بحث بعض القضايا الاساسية وفي مقدمتها القدس وهو الامر الذي أثار وما يزال جدلا كبيرا في الساحة الوطنية.

كان الاعتقاد ان السياسة بدأت تنتصر وان المفاوضات ستؤدي الى حل كل المشاكل والقضايا العالقة وتؤدي في النهاية الى اقامة الدولة وان اتفاق غزة واريحا اولا كان مجرد نقطة الانطلاق، وكان ابو عمار مستعدا لكل شيء في سبيل الوصول الى هذا الهدف ولم يتردد في تعديل الميثاق الوطني بناء على الرغبة الاميركية الاسرائيلية وبحضور الرئيس الاميركي كلنتون، كما القى خطابا في الجمعية العامة للامم المتحدة والتي عقدت جلسة خاصة في جنيف قال فيها لا تسقطوا غصن الزيتون من يدي وقد جئتكم ببندقية الثائر وزيتون السلام ونال جائزة نوبل للسلام في احتفال كبير.

مع مرور الوقت بدأت تتضح الامور وهي ان اسرائيل ليست جادة في تحقيق السلام وكانت البداية في اغتيال اسحق رابين... وتوالت التطورات ولم تحترم اسرائيل اية اتفاقات وانما دفعت في الاستيطان ومصادرة الارض وتهجير المواطنين وابدى ابو عمار صلابة وتمسكا بالحقوق اثار حقد الاسرائيليين وكانت الانتفاضة الثانية وحصار عرفات في المقاطعة بكل التفاصيل والجزئيات المعروفة الى حين استشهاده في 11 تشرين الثاني 2004 في باريس وسط ظروف غامضة وشبهات قوية للغاية ان اسرائيل هي التي دبرت عملية تسميمه التي أدت الى وفاته.

هذه السنوات العشر منذ عودة ابو عمار 1994 حتى استشهاده في 2004 كانت نقطة فاصلة في تاريخ قضيتنا وما تزال النتائج تتوالى حتى اللحظة، فقد ازداد الاستيطان وتسارعت عملية تهويد القدس ومصادرة الارض وتهجير المواطنين، كما زادت النبرة السياسية المغرقة في التطرف لدى القوى والاحزاب الاسرائيلية ووصلت حد القول علنا ان حل الدولتين مرفوض وان الضفة هي ارض اسرائيلية واننا غرباء عليها وقد يجئ اليوم الذي يتخلصون فيه من كل الفلسطينيين.

ويبدو هذا المنطق المتطرف معبرا عن الواقع في الضفة التي مزقتها المستوطنات حيث بات حل الدولتين اقرب الى المستحيل ان لم يكن مستحيلاً فعلاً، وتظل المفاوضات متوقفة والدوران في الحلقة المفرغة من المساعي والاتصالات السياسية مستمرة والارض تضيع يوميا.
 

Email