نتانياهو وجهود كيري الدؤوبة

ت + ت - الحجم الطبيعي

عندما أعلنت الخارجية الامريكية ان وزيرها جون كيري يقوم بجولات مكوكية للتباحث مع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو في القدس المحتلة، ومع الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال وجوده في العاصمة الاردنية عمان، وبمشاركة اردنية في المحادثات احيانا، وعندما انتقل كيري اكثر من مرة بين الجانبين، توقع كثيرون ان رئيس الدبلوماسية الامريكية على وشك تحقيق اختراق، والوصول الى النقطة التي اراد الوصول اليها، وهي استئناف المفاوضات بين اسرائيل وبين الدولة الفلسطينية التي يمثلها الرئيس  محمود عباس.

وبدلا من ان يعلن وزير الخارجية الامريكية تحقيق تقدم او يحدد موعدا لاستئناف المفاوضات، ولو حتى على مستوى الخبراء، فإنه غادر المنطقة عائدا الى واشنطن . وبغض النظر عما اذا كان كيري قد شعر بالاحباط، لانه لم يصل الى ما اراد وعمل بجد من اجل الوصول اليه، او انه ترك نافذة مفتوحة امام الفلسطينيين والاسرائيليين لاعادة تقييم مواقفهم، وربما الاقتراب مما تمناه، فان وزير الخارجية الامريكية الدؤوب قد بذل كل- بل واكثر- ما يمكن ان يبذله وزير خارجية الدولة الاعظم في عالم اليوم . وذلك لقناعته، هو شخصيا، بأهمية وحيوية، بل وضرورة استئناف المفاوضات بين اسرائيل والفلسطينيين، تمهيدا للوصول الى نتائج عملية، يمكن ان تقود الى حل عادل للقضية الفلسطينية، وثم لازمة الشرق الاوسط، بعد ذلك .

قد يتساءل كثيرون عن الاسباب التي عرقلت محاولات جون كيري، وعما اذا كان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو قد خاطر بحق بافشال محاولة كيري، رغم علمه بما يمكن ان تسببه من تأثير على فرص السلام واحتمالاته، خاصة وان الوزير الامريكي سبق وان اعلن ان محاولته التي قام بها اذا لم تنجح فانه سيترك الطرفين حتى يتهيآن بشكل افضل لامكانية تحقيق السلام وتحمل مسؤولياته. نعم حاول نتانياهو بشكل حقيقي سد الطريق امام الوزير الامريكي وامام امكانية السير على طريق استئناف المفاوضات مرة اخرى.

ومن اجل الا يبدو انه يصطدم مباشرة مع مقترحات كيري، فانه تحدث عن رغبته في السلام مع الفلسطينيين، وعن حل الدولتين، غير انه ترك لأركان حكومته التكفل بنسف أية امكانية للسير اية خطوة على هذا الطريق، وذلك عبر الاعلان عن مواقف متشددة، سواء فيما يتصل بوقف الاستيطان في القدس والضفة الغربية او فيما يتصل ببنود مقترحات كيري واولوياتها وترتيبها الزمني .

واذا كانت فرصة اخرى من فرص تحقيق السلام بين اسرائيل والفلسطينيين اضاعها نتانياهو بمناوراته، فانه حاول القاء المسؤولية على عاتق الرئيس عباس، بادعاء انه يريد فرض شروط مسبقة. ولكن الواقع هو ان اسرائيل لا تريد بالفعل السلام مع الفلسطينيين، ولا حل القضية الفلسطينية، ولكن المؤكد هو ان رهانها سينقلب ضدها لان حل الدولتين الذي تقل فرص تحقيقه بمرور الوقت سيكون البديل له هو الدولة مزدوجة القومية ولن يكون ذلك في صالح اسرائيل ومستقبلها. ومع ان نتانياهو وكثير من ساسة اسرائيل يدركون ذلك، الا انهم يدفعون نحوه وعليهم تحمل مسؤولياتهم في النهاية.

.

Email