مصر في 30 يونيو.. الفوضى أو العقل

ت + ت - الحجم الطبيعي

اليوم موعد المظاهرات المعارضة في مصر، والتي ينوي الموالون لحكم الإخوان المسلمين الرد عليها بمظاهرات تأييد لـ"الجماعة" الحاكمة، مما يعني احتمال استمرار حدة العنف كما حدث خلال الأيام السابقة، بل ربما يكون اليوم أشد وأكثر ألما، فالمواجهات بين الأطراف المتناحرة أدت إلى قتلى وجرحى أول من أمس، وكذلك أمس في القاهرة والإسكندرية والزقازيق وغيرها، وهي لا تبشر بالخير سواء على مستوى مستقبل مصر السياسي أو على مستوى المشهد الداخلي.

من يقرأ المشهد اليوم في مصر لن يشبّه أسلوب الإخوان في التعامل مع أزمة تواجههم سوى بأسلوب الأنظمة الديكتاتورية، الذي ثبت فشله في أكثر من دولة عربية، وكأن لسان حالهم يقول: قبلنا بالديموقرطية التي جلبتنا للسلطة، ولا نقبل بديموقراطية تبعدنا عنها.

تمسك الإخوان بمفاصل السلطة قلب عليهم الشارع، وعدم إجادتهم لإدارة الدولة كما يجب، قاد كثيرا من الشرائح المجتمعية للوقوف ضد مشروعهم. ولذلك بدأت الثورة على الثورة. وحتى تخرج مصر من الأزمة لا بد من تحكيم العقل لتقديم مصلحة البلاد أولا، وإلا فإن الفوضى هي المصير المحتوم وفق جميع المؤشرات التي ظهرت لغاية اليوم.

30 يونيو لم يأت من فراغ، وإنما لأن خللا كبيرا حدث في مسار ثورة الشعب المصري التي هدفت للتغيير والتطوير والإصلاح، والخلل يتمثل في احتكار السلطة، إذ عمل الإخوان على أن يحكموا هم وليس الشعب، كما هو مفترض بحسب التوجه الديموقراطي للثورة التي جلبت الإخوان للحكم، لكنهم لم يجيدوا لعبة التوازنات فضاعت بوصلتهم، ولم يجدوا أنفسهم إلا أمام ثورة جديدة عارمة قرر أصحابها ألا يتراجعوا حتى تتحقق مطالبهم.

خطاب الرئيس مرسي الأخير لم يترك بصمة إيجابية لدى الشارع المصري الذي يغلي، لذلك ساد الغضب والإحباط، وارتفعت نبرة العزم على عدم التراجع من قبل المعارضة، وكان الأولى بخطاب الرئيس أن يقدم تجاوبا ـ ولو جزئيا ـ مع المطالب ليهدأ الشعب قليلا، فالتعامل بوعي وعقل هو الخيار الوحيد لإنقاذ مصر من غد مجهول قد لا يسر أحدا، والإنجازات ـ إن تحققت ـ هي من تقنع المصريين بأن هذه الجهة أو تلك تستحق تولي السلطة والاستمرار بها، وما عدا ذلك لن يتجاوز كونه مرحلة وتنتهي.
 

Email