مصر بحاجة لوعي أبنائها

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا شك أن الوضع في مصر ليس في أفضل حالاته. طوابير طويلة تقف أمام محطات الوقود. والتضخم وارتفاع الأسعار يلتهم رواتب ذوي الدخل المحدود. غاب الأمن في الداخل المصري بصورة تدفع إلى القلق، وانخفض رصيد العملة الصعبة كما انخفض سعر الجنيه أمام الدولار إلى مستويات قياسية. إعلان إثيوبيا أنها ستبني سدا على النيل، يضفي لونا قاتما على مستقبل المياه في مصر. هذا غيض من فيض المشاكل التي تواجهها حكومة الإخوان التي بالكاد أتمت عامها الأول.


فوق هذا كله، يبدو أن المشكلة الأهم في مصر، هي انقطاع سبل التواصل بين تنظيم الإخوان الذي يهيمن على سياسة البلاد وحكومتها، وبين أحزاب المعارضة بجميع أطيافها من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار. الجميع يرفض الاعتراف بأنه يتحمل جزءا من هذا الخلل في التواصل، والجميع ـ بلا شك ـ يتحملون مسؤولية الوصول إلى هذا الطريق المسدود في اللحظة الراهنة. فالمعارضة تستعجل في مطالباتها بتنفيذ الإصلاحات دون أن تقدر حداثة عهد الحكومة الحالية بأمور الدولة والفترة الانتقالية التي تمر بها البلاد من الحالة الثورية إلى الحالة الدستورية، والحكومة ترفض الإصغاء إلى مطالب المعارضة، وإن فعلت فإن ذلك يكون عادة بعد فوات الأوان.


الخطاب الذي ألقاه الرئيس مرسي لم يغير شيئا في الإطار العام للمشكلة: مؤيدوه ازدادوا تمسكا به وبحكومته، ومعارضوه يصرون على المضي في الاحتجاجات المليونية المخطط لها في 30 يونيو، ذكرى وصوله إلى الحكم.


هناك خشية حقيقية من أن تتطور هذه الاحتجاجات إلى أعمال عنف دموية بين مؤيدي ومعارضي الرئيس المصري. وهو ما بدأ بالفعل وذلك ما دفع الجيش المصري، الذي يحافظ على الحياد حتى الآن، إلى الانتشار في المواقع الحيوية في أرجاء مصر كافة لحمايتها من أي أعمال شغب مرتقبة. لكن هذا الإجراء الوقائي الذي يقوم به الجيش ـ رغم أهميته ـ ليس حلا ينهي الأزمة الحالية. وكذلك فإن قيام الجيش بانقلاب عسكري ـ كما يطالب البعض ـ لاستلام زمام الأمور في حال خروجها عن السيطرة ليس حلا مقبولا. فمن يضمن أن يعيد الجيش السلطة إلى المدنيين بعد وصوله إلى الحكم؟


الحل الوحيد هو أن يحكِّم المصريون عقولهم، وأن يبحثوا عن حل يخرج بلدهم من هذه الأزمة قبل أن تتطور إلى كارثة. مصر بحاجة لوعي أبنائها ـ كل أبنائها ـ لتقف على قدميها من جديد.
 

Email