لبنان وسياسة النأي بالنفس

ت + ت - الحجم الطبيعي

تفرض تطورات المشهد السوري المتصاعد وانتقال تداعياته المدمرة إلى دول الجوار وإلى لبنان تحديدا من المجتمع الدولي سرعة التحرك لإطفاء الحريق السوري الذي بات يهدد الأمن والسلم في المنطقة.

إن التداعيات الخطيرة التي شهدها لبنان تستدعي من مجلس الأمن الدولي ومن القوى الدولية الفاعلة واجب التحرك لإيجاد حلول عملية توقف نزيف الدم السوري وتمنع انتقال الحريق السوري إلى لبنان من خلال الضغط على النظام السوري للقبول بوقف العنف والقتل الجاري في سوريا والإعلان بشكل واضح عن قبوله حلا سياسيا للأزمة في سوريا استنادا إلى قرارات مؤتمر جنيف الأول الذي يتحدث عن نقل السلطة وتشكيل حكومة انتقالية تمارس مهامها كاملة حتى يتسنى للشعب السوري اختيار من يحكمه بكل حرية ومن خلال صناديق الاقتراع.

إن المسؤولية الوطنية تقتضي من العقلاء في الساحة اللبنانية المسارعة إلى نزع فتيل الأزمات المتلاحقة في الساحة اللبنانية على خلفية تدخل حزب الله في القتال إلى جانب قوات النظام ضد الشعب السوري وإلى العودة إلى سياسة النأي بالنفس وإجبار قوات حزب الله على الانسحاب والعودة إلى لبنان حفاظا على لبنان ومنعا لانزلاق البلاد إلى حرب طائفية لن يربحها أحد.

لقد فشلت جميع المبادرات في السابق في وقف أعمال العنف والتقتيل والجرائم البشعة التي ترتكب بحق الشعب السوري كما ظلت المطالبات بالوقف الفوري والشامل لإطلاق النار وسحب كافة المظاهر العسكرية من المدن السورية حقنا لدماء السوريين وتفاديا لسقوط المزيد من الضحايا حبرا على ورق لم يجر الالتزام بها ما فاقم الأوضاع في سوريا وزاد الشعب السوري بؤسا وتهجيرا وساهم كما هو واضح في نقل تداعياتها إلى لبنان.

النظام السوري الذي يواصل عملياته العسكرية ضد أبناء شعبه لا يزال يختبر صبر المجتمع الدولي ويسعى لتحقيق ما يصفه بالإنجازات العسكرية في الميدان ليقوي موقفه التفاوضي ليتسنى له البقاء في السلطة أو فرض شروطه على الشعب السوري في أي حل سياسي يتم التوصل إليه.

إن منع انزلاق لبنان إلى أتون النار السورية يستدعي سرعة تحقيق الحل السياسي للأزمة والضغط على النظام لإجباره على وقف القتل والتصعيد ضد الشعب السوري، فوقف العنف والقتل في سوريا سيوقف بالضرورة امتداد الأزمة إلى دول الجوار وإلى لبنان تحديدا التي بدأت تصطلي بنارها.
 

Email