حق المواطن في المعرفة

ت + ت - الحجم الطبيعي

استقال رئيس الوزراء الجديد رامي الحمد لله بعد ثمانية عشر يوما على تشكيل حكومته ولم يعرف المواطن او يسمع شيئا من مصدر رسمي حول اسباب هذه الاستقالة رغم ما تناقلته وسائل الاعلام عن مصادر مجهولة حول خلاف بشأن الصلاحيات مع نائبه ، ثم جرت محاولات خلال اليومين الماضيين لحل الازمة ولم يعرف المواطن شيئا ايضصا من اي مصدر رسمي رغم ما اشيع من ان المحاذثات بين الرئيس محمود عباس والحمدلله ايجابية وان الازمة قاربت على الانتهاء .

نفس المواطن الذي لم يعرف حقيقة ما يجري فوجىء صباح امس ببيان رسمي يتكون من سطرين نقلته وكالة الانباء الفلسطينية (وفا) يفيد بان الرئىس قبل استقالة الحمدلله دون ان يعرف كيف ولماذا .

وهي تطورات مؤسفة ان دلت على شيء فانما تدل على خلل واضح في الخط السياسي الفلسطيني من جهة وعلى تجاهل واضح لحق المواطن في المعرفة وفي مواكبة التطورت السياسية الخاصة بمستقبله ومصيره ، فالحكومة اي حكومة هي سلطة تنفيذية لكل ما يتم اقراره من برنامج عمل وخطط لصالح الوطن والمواطن ، من قبل من اختارهم الشعب ممثلين عنه في البرلمان ، وفي حالتنا هذه فان المجلس التشريعي الفلسطيني معطل بفعل الانقسام المأساوي وبالتالي جاء تشكل الحكومة الجديدة ثم انتقالها لممارسة مهامها وفق برنامج عملها دون اقرار وثقه المجلس التشريعي استنادا الى نصوص في القانون الاساسي المعدل لعام ٢٠٠٣ التي تمنح الرئىس صلاحيات استثنائية في مثل هذه الحالات .

ومن الواضح ان الايام القليلة القادمة ستشهد مشادات لتشكيل الحكومة الجديدة في الوقت الذي يبدو فيه ان جهود المصالحة مجمدة وان الحديث عن تشكيل حكومة وحدة وطنية مؤقتة بات ضربا من الاحلام ، والسؤال المطروح الان هو : هل ستتكرس الجهود لاحياء ملف المصالحة والتوافق على حكومة وطنية بدل حكومتي رام الله وغزة ام اننا سنشهد تشكيل حكومة جديدة لا ندري ان كانت ستواجه نفس الازمة التي كانت سببا في استقالة الحمدلله ولا ندري ان كانت مثل هذه الحكومة قادرة على مواجهة التحديات الجسام الماثلة امام شعبنا وقضيته.

ان ما يجب ان يقال هنا اولا ان الشعب هو صاحب الحق في قول كمته في كل ما يتعلق بمستقبله ومصيره وان مشاركته السياسية عبر الالتزام وغيره من اشكال المشاركة هي ركن اساسي من اركان الديمقراطية وهي جوهر النظام السياسي الذي نريد وان تغييب دور هذا الشعب وحرمان المواطن ايضا حتى من حق في المعرفة يعني اننا نواجه خللا رئيسيا يجب معالجته.

كما ان ما يجب ان يقال هنا ايضا ان التحديات الجسام التي يواجهها شعبنا باتت تتطلب ما هو اكثر من مجرد تشكيل حكومة تسيير اعمال او تصريف اعمال ، فالانقسام يجب ان ينتهي ، واذا كان طرفا الانقسام عاجزين عن ذلك او لا يرغبان في ذلك فمن حق شعبنا ان يطالبها بالخضوع لارادته فمن غير المعقول ولا المقبول ان يتواصل النظام السياسي الفلسطيني على هذا النحو ومن الاجدر في حالة العجز عن انهاء الانقسام العودة للشعب وتمكينه من قول كلمته في صناديق الاقتراع.

وفي المحصلة فان حق الشعب هذا لا يمكن القفز عنه كما ان حق المواطن في معرفة كافة التطورات الخاصة بتشكيل او انتقال اي حكومة وغيره من التطورات السياسية يجب ان يصان فلا يعقل ان يكون المواطن هو اخر من يعلم هذا اذا علم بشيء اصلا.
 

Email