مواقف إسرائيلية متناقضة من عملية السلام

ت + ت - الحجم الطبيعي

 لا شك أن تطورات الأحداث في الكيان الصهيوني والأراضي الفلسطينية المحتلة لا تحظى بما تستحقه من التغطية سواء في الإعلام العربي أو العالمي بسبب التركيز شبه الكامل على تداعيات "الربيع العربي"، خاصة في سورية ومصر. هذه الحقيقة وفرت بيئة مثالية لحكومة نتنياهو للاستمرار في عمليات الاستيطان والتهويد والضغط على الشعب الفلسطيني عن طريق جماعات متشددة معروفة بارتباطاتها مع أطراف أساسية في الحكومة الإسرائيلية.


الثلاثاء الماضي، تعرضت قرية أبو غوشة العربية، المعروفة بعلاقاتها الجيدة مع محيطها اليهودي قرب القدس لاعتداء سافر من جماعات صهيونية متشددة، قطع أعضاؤها إطارات السيارات بالسكاكين وكتبوا رسائل حقد وكراهية على جدران البيوت. هذه الهجمات بدأت أساسا ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية ثم عبرت الخط الأخضر في السنوات الأخيرة إلى الداخل الإسرائيلي. أهداف الهجمات شملت المساجد والكنائس، وحتى ناشطين يهود مؤيدين للسلام.


يبدو أنها سياسة مقصودة لإبقاء الغموض الذي يلف مواقف إسرائيل من عملية السلام. تصدر من حين لآخر، مواقف متناقضة من أعضاء حكومة نتنياهو حول رؤيتهم لعملية السلام، ثمة من يراها على مسارها الصحيح، ومنهم من يقول إنها ماتت، فيما يرى آخرون أنها ليست إلا هراء. لذلك ليس غريبا أن يشعر كثير من المراقبين بالارتباك فيما يخص الرؤية الإسرائيلية الحقيقية لعملية السلام التي ترعاها الولايات المتحدة.


الخلافات بين أعضاء الحكومة الإسرائيلية تصاعدت هذا الأسبوع، عندما أعلن وزير الاقتصاد وهو رئيس حزب البيت اليهودي، وثالث أقوى شخصية سياسية في الائتلاف الحكومي، أن حل الدولتين وصل إلى "نهاية مسدودة". مثل هذه المواقف جعلت وزيرة العدل تسيبي ليفني تهدد منذ أسبوع بالاستقالة من الحكومة ما لم يتعامل نتنياهو مع منتقدي حل الدولتين.


هذا التخبط في المواقف الإسرائيلية، سواء كان مقصودا أو حقيقيا، لا يساعد جون كيري في مهمته، خاصة أنه سيعود قريبا للمرة الخامسة إلى المنطقة من أجل متابعة جهوده في ضمان استئناف عملية السلام.


إذا كانت أميركا تسعى فعلا للتوصل إلى تسوية سلمية في الشرق الأوسط، فإنها تعلم تماما من يقف عقبة في وجه هذه الجهود، ولا يمكن تحقيق أي تقدم ما لم تظهر أميركا جدية في مواقفها من إسرائيل، وما لم تغير الأخيرة سياستها بشكل جذري وحقيقي.
 

 

Email