انتهاكات صهيونية بغطاء دولي

ت + ت - الحجم الطبيعي

تتكرر التقارير الأممية التي توثق الانتهاكات الصهيونية وجرائم الحرب التي يرتكبها كيان الاحتلال الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني الذي يأتي في مقدمته الأطفال الذين يشكلون المستقبل والأمل الواعد في مواصلة النضال حتى استرداد الحق المغتصب، كما توثق هذه التقارير تشكُّل كل أدوات الاستعمار الصهيوني، وتكشف جل ألوان إرهابه لقطع الطريق على أي بارقة أمل في المستقبل. وفي سبيل اغتيال الأمل والمستقبل الفلسطيني تتعدد القنوات الموصلة لهذا الهدف، وتنفضح بيسر بالغ تكتيكاتها، مهما تباعدت مساحات التاريخ أو ترامت الممارسات في الوطن الواحد، حتى لو كان الرهان دائمًا على ضعف الذاكرة أو فتور الهمة والنخوة الوطنية والقومية، وتقلُّب الوطن العربي من وضع إلى آخر، ومن متغير إلى آخر، كما هو حال التردي الذي يشهده في ظل ما يسمى "الربيع العربي".


وما كشفت عنه لجنة حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة في تقرير جديد لها أمس عن قيام كيان الاحتلال الصهيوني وعصاباته ومجرميه بانتهاكات ضد الإنسانية وجرائم حرب ضد الأطفال الفلسطينيين واستخدامهم دروعًا بشرية، هو كشف ليس جديدًا، إلا أنه يؤكد أن هذا الكيان الإرهابي فوق القانون، وبالتالي فإنه يستمر في جرائم حربه وإرهابه وانتهاكاته بحق الأطفال وغير الأطفال الفلسطينيين، انطلاقًا من هذا الوضع غير الأخلاقي وغير الإنساني الذي وضعته فيه قوى النفاق الدولية التي تتحالف معه استراتيجيًّا، وكذلك من قاعدة النفاق العريضة المسماة زورًا "حق الدفاع عن النفس"، الأمر الذي يؤكد مدى تعاظم هذا النفاق واستمرائه من قبل هذه القوى المنافقة.

إذ كيف يتأتى باطل "حق الدفاع عن النفس" بالدبابة والمدفع الرشاش والطائرات الحربية، والاعتقال التعسفي، والضرب والانتهاك الجسدي والجنسي والإهانة، والتهديد والحرمان من الماء والطعام وشروط النظافة بعد الاعتقال، مع طفل فلسطيني أعزل إن تمكن من حمل حجر حمله، وإن لم يتمكن واجه آلة الحرب والاحتلال الصهيونية بصدره العاري؟ ثم كيف يستقيم أن يُتَّخذ هذا الطفل الفلسطيني الأعزل درعًا بشرية أمام دبابة أو مصفحة صهيونية اتقاء لحجر رماه شقيقه تعبيرًا عن رفضه الظلم ومقاومته الاحتلال؟


وحينما تكشف اللجنة الأممية لحقوق الطفل عن الفظائع التي يتعرض لها الأطفال الفلسطينيون الأسرى في سجون كيان الاحتلال الصهيوني، ووفق النظام العسكري الصهيوني، فإن هذه العصابات الصهيونية إزاء حلقة جديدة من مسلسل ممتد طويل الحلقات وخبيث ولئيم المرامي لوأد بذرة مستقبل هذه الأمة، وكسر إرادتها لعقود طوال، باستهداف طلائع صنَّاع حاضرها ومستقبلها عسكريًّا أكانت أم علميًّا أم تقنيًّا أم ثقافيًّا أم فكريًّا، ليأمن المستعمر ولعقود طوال جانب هذه الأمة، ويدور في فلك أطماعه حولها جثة هامدة لا حراك فيها.


إن جرائم الحرب والانتهاكات ضد الإنسانية الصهيونية هذه ضد الأطفال الفلسطينيين هي الحلقة الأولى التي تتداخل معها الحلقات الأخرى في كل من العراق وسوريا وليبيا وغيرها والتي تستهدف الأطفال والناشئة، أي تستهدف مستقبل الأمة، ولذلك فإن ما يجري من تدمير ممنهج في الدول العربية وخاصة تلك التي ولغت فيها لعاب الصهيونية وتدخلاتها، إحدى حلقاته هي تدمير المواطن العربي بدءًا بالناشئة ومن جميع النواحي السيكولوجية والبيولوجية والسلوكية تدميرًا شاملًا، وتدمير ذاكرته وفكره وهدم قيمه ومبادئه، بحيث لا يفكر أن هناك عدوًّا فتك بهذه الأمة ولا يزال يفتك بها.


قد تخذلنا المفردات عند المقارنة بين ذلك الطفل الصهيوني المدلل، والطفل العربي المصادرة حقوقه بفعل فاعل، وتخذلنا المفردات أكثر حين تطالعنا منظمة دولية في قامة منظمة الأمم المتحدة التي يفترض بها أن تمثل الضمير الإنساني، وتنتصر لقضايا الشعوب العادلة وخاصة قضية الشعب الفلسطيني، فكم من الآلام والأحزان تلفنا حين تطالعنا الأمم المتحدة بتقارير موثقة عن الانتهاكات ضد الإنسانية التي ترتكبها العصابات الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني وأطفاله ولا تحرك ساكنًا.
 

Email