قرار أمريكي شجاع

ت + ت - الحجم الطبيعي

القرار الذي اتخذته إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما بتسليح ثوارسوريا قرار شجاع وجاء متأخرًا بعد الإبادات الجماعيّة والتهجير ويتطلب أن يجد الدعم والترحيب من جميع الدول خاصّة من الدول العربية وأصدقاء سوريا من أجل حماية الشعب السوري الذي يتعرّض للإبادة والقتل المُمنهج من قوات النظام وميليشيات حزب الله ولذلك فإن المطلوب ليس إصدار قرارات بالموافقة على التسليح وإنما المطلوب تسريع تنفيذ القرار الأمريكي بتسليح الثوار على أن تُواكبه قرارات شجاعة من دول وأفراد لدخول سوريا وفكّ الحصار الظالم عنها من جانب قوات وشبيحة الأسد أو من جانب ميليشيات حزب الله الذي أصرّ أمينه العام على أنه لن يترك سوريا لأهلها بل سيُعمل القتل والتخريب فيها بعد سقوط الأسد.

إن المطلوب ليس تسليح الثوار فقط وإنما أن يكون التسليح بأسلحة نوعيّة من مضادّات للطائرات والدروع من أجل خلق توازن مع الأسلحة التي يملكها النظام وحماية المدن التي تسعى قوات النظام لاستعادتها من سيطرة الثوّار خاصّة حلب وحمص بدعم صريح من ميليشيات حزب الله التي تدخّلت بثقلها في الأزمة السورية في محاولة من الحزب لجرّ لبنان والمنطقة لمستنقع القتال الطائفي وتفتيت سوريا ومن المهم أن يُدرك المجتمع الدولي أهمّية فرض مناطق حظر جوي بسوريا كملاذٍ آمنٍ لحماية النازحين واللاجئين بالشمال والجنوب كما أن تسليح الثوّار من غير فرض مناطق حظر جوي لن يقود إلى نتائج ملموسة سريعة على الأرض خاصّة في ظلّ إصرار النظام على تحقيق الانتصار باسترداد حلب قبل مؤتمر جنيف 2 بهدف خلق واقع جديد يمنحه الفرصة لفرض شروطه على الجميع وتكريس وجوده بدلاً من ذهابه بالقوّة.

إن ما يجري في سوريا حاليًا يُشكّل عارًا على الجميع فحرب الإبادة المُمنهجة التي يُديرها الأسد وشبيحته تحت سمع وبصر المجتمع الدولي لا بدّ أن تتوقف بكل الصور ولا بدّ أن يُحاكم على تلك الجرائم وأن يرتفع سقف المطالب بما يُوازي الجريمة التي ما زال يقوم بها ساعة بساعة ولا بدّ أيضًا أن يُحاسب من يلقب نفسه بأمين حزب الله وهو بعيد عن ذلك لما تقوم به ميليشياته من أفعال لا تقوم بها حيوانات الغابة المفترسة ومن هنا فهذه الميليشيات ليست بعيدة عن المحاكمات الدولية ضمانًا للحقوق المنتهكة.

إن المنطق يقول إنه بدل أن نبحث عن مخرج آمن للأسد ونستصرخه ونتوسّل إليه أن يُوقف تلك المجازر بدلاً من ذلك لا بدّ أن يُفضح أمره وتُوثّق جرائمه ليلحق بعتاة المجرمين الدوليين ولذلك فإن أيّ تحرّك فردي أو ثنائي أو جماعي من قبل أصدقاء الشعب بتسليح الثوار أو التدخّل لفرض مناطق حظر جوي ليس نهاية الأمر بل يجب أن يتكاتف المحامون العرب خاصّة أصحاب النخوة العربيّة بتقديم تلك الجرائم إلى محكمة العدل الدولية لحصول الشعب السوري على حقوقه المنتهكة من قبل نظام لا يرحم وميليشيات لديها الجرأة على الإبادة والتنكيل وإن التحرّك لنجدة هذا الشعب أصبح واجبًا وشرعيًّا بعدما تخلى المجتمع الدولي أو كاد عن نجدته وتركه وحيدًا يُواجه القتل البطيء بالطائرات والأسلحة الكيماويّة ونكتفي ببيانات الإدانة والشجب والاستنكار وتقديم المساعدات الطبّية والغذائيّة فقط.

Email