سد النهضة والأزمة المصرية الإثيوبية

ت + ت - الحجم الطبيعي

 لا شك أن سد النهضة الذي تنوي إثيوبيا بناءه يشكل معضلة قد تتحول إلى أزمة خطيرة بينها وبين مصر. السد سيوفر لإثيوبيا كميات كبيرة من الطاقة ويسهم في رفعها من الدرجات المتدنية لمؤشر التنمية العالمية، وبالنسبة لمصر فإن النتائج المترتبة على بنائه ستكون خطيرة بحيث تشمل نقص المياه وانخفاض الطاقة الكهربائية.

إثيوبيا لا تنوي التفاوض على بناء السد. وقد صدق البرلمان الإثيوبي بالإجماع أمس الخميس على معاهدة تحرم مصر من الحصة التي كانت تتمتع بها من مياه نهر النيل.


وفي جميع الأحوال، ورغم تأكيدات مصر بأن "جميع الخيارات على الطاولة"، فإن الخيار العسكري يعد مستبعدا لأسباب عدة، بما في ذلك البعد الجغرافي لموقع السد عن مصر، وعدم وجود طائرات للتزويد بالوقود في الجو لدى القوات الجوية المصرية، وموقف الحكومة السودانية من الأزمة.

لذلك فإن على مصر وإثيوبيا السعي لحل المشكلة بالطرق الدبلوماسية بما يضمن مصلحة كل طرف دون إلحاق الضرر بمصالح الطرف الآخر. فعدد السكان متساو تقريبا في البلدين وهو يزيد عن 80 مليون نسمة في كل منهما.

وإصرار إثيوبيا أن السد لن يسبب مشكلة لمصر لن يحل الأزمة دون مناقشة ذلك بحسن نية مع السلطات المصرية، ولن تفيد مصر لهجة التهديد لأن ذلك لن يوقف بناء السد.


في حال المضي قدما في المشروع، ستبدأ الأزمة الحقيقية عام 2015 عندما ينتهي بناء السد وتبدأ عملية ملء البحيرة التي سيشكلها، وهي عملية قد تستمر أكثر من خمس سنوات. لذلك ينبغي على البلدين، وبضغوط دولية إن اقتضى الأمر، تشكيل لجان خبراء تدرس الجوانب السلبية والإيجابية لبناء السد لكل بلد، والوصول إلى تسوية مقبولة من الطرفين، مثل تخفيض ارتفاع جسم السد على سبيل المثال.


المهم هو تجنب نشوب صراع عسكري قد يشكل كارثة على المنطقة كلها، وعلى مصر وإثيوبيا في نهاية الأمر التوصل إلى تسوية ترضي الطرفين.
 

Email