رد خليجي عملي

يشكل الموقف الذي أصدرته الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية والذي أدان تدخل حزب الله في الأزمة السورية وقتال المنتسبين إليه إلى جانب جيش النظام ضد الشعب السوري واستهدافه للمدنيين السوريين ردا عمليا خليجيا غير مسبوق سيترك تأثيرا كبيرا على الحزب ومستقبله خاصة بعد أن قررت دول الخليج العربية اتخاذ إجراءات مالية ضد مصالحه في دول الخليج وضد منتسبيه.

لقد كشفت مشاركة حزب الله في سفك دماء الشعب السوري الشقيق طبيعة الحزب وأهدافه الحقيقية التي تتعدى حدود لبنان والوطن العربي. حيث ألغى حزب الله بوقوفه ضد الشعب السوري ومطالبه العادلة وقتاله إلى جانب النظام صورته كحزب مقاوم التفّت حوله الجماهير العربية وتغنّت ببطولاته وقدّمت له الدعم المعنوي والمادي ولم يعنها مذهبه بقدر ما عنى لها انتصاراته وتحريره لأرض الجنوب اللبناني وقتاله لعدو الأمة العربية والإسلامية "إسرائيل" التي تحتل أراضي الشعب الفلسطيني.

إن تدخّل حزب الله في سوريا قوّض ما تبقى من صورة الدولة اللبنانية ووجودها وورّط لبنان في احتمالات انفجار سُنّي - شيعي في المنطقة مع تصاعد الاحتقان على هذا الصعيد، وساهم في تحويل ثورة الشعب السوري ضد النظام الاستبدادي الديكتاتوري إلى حرب طائفية مذهبية تهدد مصير لبنان ومصير المنطقة بأسرها.

لقد احترم الشارع العربي الموقف الرسمي للدولة اللبنانية من الأزمة السورية والذي تلخص بسياسة النأي بالنفس عما يجري في سوريا وتفهم الخصوصية اللبنانية في هذا الصدد ولم يطلب أحد من لبنان مساندة الثورة السورية ومساندة مطالبها إلا أن مواقف حزب الله وتدخله السافر في الأزمة السورية أنهى عمليا سياسة النأي بالنفس وجعل من طرف لبناني جزءا من الأزمة السورية، الأمر الذي يدعو الحكومة اللبنانية إلى تحمل مسؤولياتها تجاه سلوك حزب الله وممارساته غير القانونية في سوريا.

لقد جر حزب الله ومن يقف وراءه الأمة العربية والإسلامية إلى صراع شيعي - سنيٍّ كانت الأمة في غنى عنه حيث وقع الحزب في فخ الصراع المذهبي الطائفي البغيض، وانشغل الجميع الآن عن الكيان الصهيوني بعدما كان حزب الله يعلن عن نفسه أن كفاحه موجّه ضد الكيان الصهيوني ولمصلحة العرب والمسلمين.

إن ما يعرفه حزب الله أن تحرير القدس لا يمرّ بطريق القصير أو حمص، وما يجب أن يعرفه أنه بتدخله السافر وغير المشروع في الأزمة السورية وقتال ميليشياته المسلحة في المدن والبلدات السورية إلى جانب قوات النظام يسهم في مزيد من سفك الدماء، وتمزيق النسيج الوطني في سوريا والمنطقة.