ليبيا أمام الامتحان الصعب

ت + ت - الحجم الطبيعي

مرة أخرى يجد الشعب الليبي الذي قدم أغلى التضحيات وأعظمها للانفكاك من عهد الديكتاتورية والفساد والطغيان يجد نفسه أمام خطر انزلاق البلاد إلى حرب أهلية ليس فيها رابح بسبب انتشار السلاح والمليشيات المسلحة وعدم نجاح الحكومة في تشكيل جيش قوي يدمج فيه الثوار السابقين وأجهزة أمن قادرة على بسط الأمن والاستقرار في مختلف المدن والبلدات الليبية.

إن استمرار وقوع الاشتباكات المسلحة وسقوط ضحايا من المدنيين فيها وعدم قدرة الجيش الليبي وأجهزة الأمن على منعها واعتقال المتسببين بها سيتسبب في فشل مشروع معركة بناء الدولة الديمقراطية الحديثة الدولة القائمة على الحرية والتعددية والمساواة واحترام حقوق الإنسان التي ضحى من أجلها الليبيون بأرواحهم.

لقد أعربت دولة قطر عن قلقها للأحداث المؤسفة التي شهدتها مدينة بنغازي الليبية وأدت إلى عشرات القتلى والجرحى، داعية كافة الإخوة الليبيين إلى التحلي بضبط النفس في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ بلادهم التي تستدعي التوافق والتآزر وتدعيم الوحدة الوطنية وإيجاد حلول سريعة لظاهرة انتشار السلاح وحل أي خلاف بينهم بالحوار حفاظاً على أمن وسلامة واستقرار بلدهم وحماية لمواطنيهم.

إن المسؤولية في منع انجرار ليبيا إلى درك الحرب الأهلية التي سيكون الخاسر فيها الشعب الليبي كله تقع على جميع القوى السياسية في البلاد سواء كانت في الحكومة أو المعارضة كما تقع على "مليشيات الثوار المسلحة "التي لا تزال تحمل السلاح وتتناحر على النفوذ السياسي في البلاد وتعتقد أنها ستحصل على نصيبها من السلطة من خلال احتفاظها بالسلاح.

لقد ارتضى الشعب الليبي صندوق الاقتراع كوسيلة للوصول إلى الحكم وبالتالي فإن العنف بمختلف صوره وأشكاله ليس الطريق الذي يوصل إلى السلطة أو يوصل إلى تحقيق المطالب مهما كانت هذه المطالب عادلة بل إن استخدامه يعبر عن عجز وضعف من يستخدمه كوسيلة لتحقيق أهداف سياسية.

لقد قدم الشعب الليبي عشرات آلاف الضحايا خلال معركة الحرية لكي يكون سيد قراره ومن أجل قيام دولة تحتكم لسيادة القانون والمؤسسات وتحترم حقوق الإنسان وهو لن يسمح بالتأكيد أن تضيع هذه التضحيات هباء بسبب قلة تعتقد أن سلاحها سيضمن لها موقعا أو نفوذا في ليبيا الجديدة.

إن معركة بناء ليبيا الجديدة تقتضي قيام الحكومة الليبية المنتخبة بحل جميع المليشيات المسلحة وجمع السلاح من المواطنين وسرعة دمج الثوار السابقين في أجهزة الدولة المختلفة كل في مجال اختصاصه والتأكيد على مبدأ سيادة القانون وتطبيقه على الجميع صغيراً كان أم كبيراً وهو ما سيحقق الأمن والاستقرار في البلاد ويمكن ليبيا من النجاح في الامتحان الصعب الذي تواجهه واجتياز المرحلة الانتقالية بسلام.
 

Email