أهمية وجود دور أميركي فاعل في سورية

ت + ت - الحجم الطبيعي

منذ بدأت الأزمة السورية، ظهر الفارق بين الموقفين الروسي والأميركي في التعامل معها، فروسيا تصرح وتفعل وتسلح النظام السوري وتحميه بالفيتو وغير الفيتو، وتضع خططا لإطالة أمد الأزمة لعل النظام يستطيع إنقاذ نفسه، فيما تكتفي الولايات المتحدة بالتصريحات، وازداد الطين بلة حين تبنّت الموقف الروسي وصارت تلهث وراءه منادية بتطبيق اتفاق جنيف، ثم اتفقت مع روسيا على عقد مؤتمر جنيف 2، الذي لغاية اليوم لا يتجاوز كونه مهلة جديدة للرئيس السوري بشار الأسد ليمارس مزيدا من التدمير على احتمال ذهاب وفده إلى المؤتمر متسلحا بانتصارات وهمية باستخدام أقوى الأسلحة المدمرة لاستعادة السيطرة على مساحات صغيرة مثل القصير بمساعدة ميليشيات حزب الله أو المعبر الحدودي في الجولان بتواطؤ إسرائيلي.

لذلك جاءت أمس تصريحات السيناتور الأميركي جون ماكين المنتقدة لسياسة الرئيس باراك أوباما بما يتعلق بالشأن السوري لتعبر عن موقف عدد من الأميركيين غير الموافقين على تراجع ثقل الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، إذ يرون أن روسيا سحبت البساط من تحتها. ويعتبر هؤلاء أن دعم المعارضة السورية بالسلاح يضع حدا لتدخل إيران وحزب الله في الأزمة السورية، مؤكدين أن تردد الولايات المتحدة في ذلك قد يؤدي إلى قيام أطراف أخرى به، مما سوف يضعها في حرج ويزيد من تراجعها السياسي في الشرق الأوسط.

إلى ذلك، فإن تحذير ماكين من "أن الصراع في سورية سيتحول إلى صراع طائفي على مستوى المنطقة يؤدي إلى زعزعة استقرار الشرق الأوسط إن لم تتدخل الولايات المتحدة"، تحذير مصيب، فالاصطفاف العسكري لإيران وحزب الله مع النظام السوري مبني على مرتكزات طائفية بالأصل، وهذا قد يواجه برد فعل من السواد الأعظم من مسلمي سورية والعالم للدفاع عن الطائفة التي تباد في سورية، وبالتالي لن يتوقف الأمر على مساحة الدولة السورية بل سيتجاوزها إلى دول الجوار، وما يحدث في لبنان مؤشر على ذلك.

كل ما سبق يعني أن الولايات المتحدة والقوى الكبرى الأخرى يفترض بها أن تكون أكثر إيجابية في التعامل مع الأزمة السورية، فتقوم بدور فاعل يحد من الهيمنة الروسية، ويساعد على إنقاذ الشعب السوري من حرب ستأكل الأخضر واليابس إن لم تتوقف اليوم قبل الغد.
 

Email