الأقصى يتعرض لأخطار متزايدة

ت + ت - الحجم الطبيعي

في ظل طبيعة المناخ السياسي الراهن في إسرائيل، والتوجهات المتطرفة لمعظم الأحزاب المشاركة في حكومة نتانياهو الائتلافية، فإنه ليس من المفاجأة أن تتواصل، بل وتتسع الأعمال الاستفزازية التي تقوم بها إسرائيل ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، وضد المرافق والمنشآت الفلسطينية، خاصة في القدس المحتلة، وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك.


وخلال هذه الأيام، التي تحمل ذكرى النكسة، في يونيو 67، وما ترتب عليه من احتلال إسرائيل للقدس الشرقية والأراضي الفلسطينية والجولان السوري والأراضي العربية المحتلة الأخرى، التي لا تزال تحتلها إسرائيل حتى الآن، بعد تحرير سيناء والأراضي الأردنية، فإن المستوطنين والمتطرفين الإسرائيليين قد زادوا، وبشكل استفزازي من انتهاكاتهم ضد الفلسطينيين، وضد المقدسات الفلسطينية، ومنها الأقصى المبارك، كما ازدادت وتكررت محاولاتهم لاجتياح الأقصى، والدعوة لإقامة شعائرهم فيه وتقسيمه بشكل أو بآخر، فضلا عن أعمال الحفر تحت أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وتهديده بالانهيار بشكل متزايد بسبب تلك الحفريات. ولم يكن ما حدث بالأمس سوى نموذج بالغ الدلالة، برغم التحذيرات الكثيرة من جانب الفلسطينيين، والتي تقابلها إسرائيل بتشجيع انتهاكات المستوطنين وتوفير الحراسة لها إمعانا في استفزاز الفلسطينيين والعرب وجموع المسلمين أيضا، نظرا لأهمية الأقصى ومكانته لديهم.


وإذا كانت إسرائيل لا تدخر وسعا من اجل تهويد القدس الشرقية المحتلة، وطمس هويتها العربية، وبكل السبل الممكنة، فإن كل تلك المحاولات التي تقوم بها سلطات الاحتلال، لن تستطيع اقتلاع الفلسطينيين منها ومن أراضيهم، خاصة وأنهم يزدادون تمسكا بها، واستعدادا للتضحية من اجل استعادتها وتحريرها مرة أخرى. وفي هذا الإطار فإن مما له دلالة عميقة أن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري اكد في خطابه أمام اللجنة اليهودية الأميركية أن خير وسيلة لضمان امن إسرائيل هي إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة إلى جانب إسرائيل، وأنه لا بد من الاعتراف بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم والعيش فيها بسلام، جنبا إلى جنب مع إسرائيل.


جدير بالذكر أن وزير الخارجية الأميركية اكد، وبأقوى الكلمات، على التزام الإدارة الأميركية، والرئيس باراك أوباما شخصيا بأمن وتفوق إسرائيل، ووصفه بأنه اكثر الرؤساء الأميركيين الذين دعموا أمن إسرائيل ووقفوا إلى جانبها، وأن ذلك التزام لن يتغير ولن يتزعزع، وبالنسبة للسلام والمحاولة التي يقوم بها كيري في الآونة الأخيرة، فإنه دعا إسرائيل إلى عدم إهدار ما اسماه الفرصة، ربما الأخيرة، للسلام في الشرق الأوسط، غير أن مواقف حكومة إسرائيل لا تسير في الطريق الذي يرغبه وزير الخارجية الأميركية، وتتطلع إليه شعوب المنطقة، وهو ما سيعرض الأمن والاستقرار في هذه المنطقة الحيوية إلى هزات كبيرة، ومخاطر حقيقية، لا بد وأن تمتد إلى إسرائيل، خاصة في ظل التطورات والظروف التي تمر بها المنطقة الآن. فهل تدرك إسرائيل حجم وطبيعة تلك المخاطر؟ أم أنها ترى أن ما يجري في المنطقة يصب في النهاية لصالحها بشكل أو بآخر؟
 

Email