العراق الحاضر والمستقبل

ت + ت - الحجم الطبيعي

أن يبلغ عدد ضحايا العنف في العراق ما يفوق ألف قتيل خلال شهر مايو الفائت، فذلك يعني أن الأزمتين الأمنية والسياسية قد بلغتا حدا خطيرا، وأن تراشق القوى السياسية بهذا العنف لن يحده سقف، ما دام مسلسل الانتقام سيستمر، وما دام كل طرف في دراما الحديد والنار مستمرا في هوايته التي يدفع الشعب العراقي ثمنها فادحا.

إن ممارسة السلطة على خلفية من الطوأفة هي التي تهدد العراق الموحد بانشطارات خطيرة، لا يعرفها الشعب العراقي ويلفظها بشدة، ويطالب بالتراجع عن تأجيجها.

ومن ثم فإن الحكم الراهن في العراق هو الذي فتح المجال أمام هذه الأحوال، وهو الذي أتاح الفرصة لنار الطائفية أن تستعر عنفا وحرقا، بينما كان العراقيون يعيشون شعبا واحدا بكل أطيافه وعرقياته، التي تحاول أطراف انفصالية أن تترعها بدماء الصراعات المذهبية التي تشل الحياة الاقتصادية والسياسية في هذا البلد العربي الشقيق.

إن مصلحة العراق تقتضي من كل الأطراف التحلي بروح وطنية عالية المستوى، حتى لا تدخل إلى الصفحات السوداء والصفراء في التاريخ العراقي، كما أنه من مصلحة العراق عدم الاستئثار بالسلطة واحتكارها، بل تداولها وفق ضوابط ديمقراطية، تتيح الاعتبار المطلق للإرادة الشعبية لا إرادة الطغاة ومحتكري السلطة.

إن العراق سبق أن أزال الحكم السابق تطلعا لديمقراطية نزيهة وشفافة، لا لاستنساخ الديكتاتورية في أحط أشكالها، أو في صورها البغيضة التي استدعت من كل العراقيين التشارك في إزاحتها.

لكل ذلك يتعين على قادة العراق من كل الأطياف أن يجلسوا على طاولة حوار وطني مسؤول، يتصدّره موضوع الوحدة الوطنية، للحفاظ عليها قوية في مواجهة أعاصير مدبرة، تستهدف إحراق الأخضر واليابس في العراق بنيران الطائفية المقيتة.

أليس العراق، هذا البلد الغني بموارده البشرية الهائلة، قادرا على اجتياز هذه العقبات وتجاوزها، ليشرع في البناء بدلا من معاول الهدم الطائفية؟
 
 

Email