الابواب السياسية المغلقة... في ذكرى تأسيس منظمة التحرير

ت + ت - الحجم الطبيعي

صادفت امس، ٢٨ أيار، ذكرى تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية عام ١٩٦٤ بقيادة القائد الوطني الكبير احمد الشقيري الذي كلفته القمة العربية المنعقدة بالقاهرة بزيارة كل المواقع والتجمعات الفلسطينية والعمل على ايجاد رابط يوحد ابناء شعبنا جميعا، وهكذا كان وتم تأسيس منظمة التحرير وفي مؤتمرها الاول الذي انعقد بالقدس تم انتخاب الشقيري رئيسا لها، وقد رافق ذلك تأسيس جيش التحرير الفلسطيني واعداد الميثاق الوطني واقامة الصندوق القومي.

كان هذا الحدث علامة بارزة وخالدة في تاريخ شعبنا الذي اصبح له ولاول مرة منذ النكبة عام ١٩٤٨، قيادة وتمثيلا مستقلا ومؤسسات وقوة عسكرية ومالية، وعام الشقيري الى الجامعة العربية ليقول لهم: لقد ارسلتموني مندوبا عن الجامعة الى الشعب الفلسطيني واليوم أعود الى الجامعة مندوبا عن الشعب الفلسطيني.

وبدأت الامور تتحرك وظلت منظمة التحرير الى حد كبير تحت مظلة بعض الانظمة العربية حتى انعقد المؤتمر الوطني الخامس في شباط ١٩٦٩ وتم انتخاب ياسر عرفات رئيسا، وبدأت منذ ذلك الحين معركة المقاومة والتحرير والقرار الفلسطيني المستقل بعد انطلاقة حركة "فتح" ورئاسة عرفات لمنظمة التحرير، مع كل ما رافق ذلك في كثير من الاحيان، من معارك جانبية واصطدامات وخلافات سياسية مع عدد من الدول العربية ووصلت التطورات مرحلة الانتفاضة الاولى العظيمة والمحادثات السرية واتفاق اوسلو في وقت لاحق، حتى وصلنا الى ما نحن عليه اليوم.

لقد كان الهدف اقامة دولة فلسطينية في الضفة وغزة عاصمتها القدس الشريف، وقبلت القيادة الفلسطينية الاعتراف باسرائيل في حدود ما قبل حرب حزيران والتنازل عن ٧٨٪ من ارض فلسطين التاريخية كما وافقت على تعديل الميثاق الوطني الفلسطيني في هذا السياق.

وبعد اكثر من عشرين عاما من المفاوضات وبعد كل هذه التنازلات كانت النتيجة ان اسرائيل ادارت ظهرها لكل الحقوق والمطالب العادلة الفلسطينية، وبدأت حملة مدمرة من الاستيطان ومصادرة الارض وتهويد القدس وتهجير الناس واتخذت المفاوضات ستارا لكل ممارساتها، وما تزال حتى اليوم تدعو الى مفاوضات بدون شروط وهي التي تضع مئات الشروط قولا وفعلا.

ان نظرة واقعية الى وضع القدس والضفة اليوم، تؤكد دون جدال، ان اسرائيل قتلت حل الدولتين، فقد عزلت القدس بالجدار وتواصل تهويد المدينة ولا تخفي نواياها بشأن الحرم القدسي الشريف حيث تتواصل الاقتحامات وتعد الخطط والبرامج والمقترحات الرسمية لاقتسام الزمان والمكان في ثالث الحرمين واولى القبلتين ومسرى النبي محمد (ص).

ومن يتجول في الضفة من جنوبها الى شمالها ومن شرقها الى غربها، لا يجد الا المستوطنات التي تملأ قمم الجبال وتصادر الارض، ولا يجد الا الطرق والحواجز التي تقطع اوصال الضفة وتحولها الى كانتونات معزولة لا تواصل بينها، وتحقق بذلك معادلتها المعروفة وهي انها تريد الارض وقد اخذتها، ولا تريد السكان وقد القت بهم الى السلطة.

هذه الحقائق لا يمكن القفز فوقها ولا يمكن لاي عاقل ان يتجاهلها، وهي تؤكد ان حل الدولتين قد انتهى فعلا واي حديث عن وجود فرص للحل ليست الادفنا للرأس بالرمال، وعلينا جميعا ان نبدأ من اليوم اعادة تقييم اوضاعنا على كل المستويات القيادية والشعبية، وان نخلص الى الاستنتاجات الواجب علينا اتخاذها بعد ان وصلنا الى هذه الابواب السياسية المغلقة ! وهذه مهمة منظمة التحرير ومؤسساتها بالدرجة الاولى.
 

Email