شعارات بيرس لن تحقق السلام !

ت + ت - الحجم الطبيعي

كعادته طلع علينا الرئيس الاسرائيلي شمعون بيرس امس لدى حضوره المنتدى الاقتصادي العالمي في الشونة بمجموعة من الشعارات حول امكانية تحقيق السلام وما أسماه رغبة الغالبية في اسرائيل في حل سياسي وفقا لصيغة الدولتين وان هناك فرصة حقيقية لتحقيق السلام ثم مطالبته باستئناف المفاوضات وعدم إضاعة الوقت حسب تعبيره ، وهي شعارات وتصريحات مضللة ولا يمكنها ان تسهم في صنع السلام الحقيقي، خاصة ان بيرس نفسه يدرك ان اسرائيل الرسمية بما في ذلك الاحزاب السياسة الحاكمة التي تمثل الغالبية في اسرائيل ترفض حتى اليوم الحل السياسي وفق صيغة الدولتين كما يفهمها المجتمع الدولي كما ان اسرائيل الرسمية وضعت من التحفظات على خطة خريطة الطريق او صيغة الدولتين ما ينسف هذه الخطة ويجعلها غير قابلة للتطبيق .

والى جانب هذا الموقف السياسي المتشدد الذي تبنته حكومات اسرائىل المتعاقبة بما في ذلك رفض الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة على كامل الاراضي المحتلة منذ عام ١٩٦٧، فان ما مارسته هذه الحكومات وما تمارسه الحكومة الاسرائيلية الحالية من توسع استيطاني وتهويد للقدس وفرض قيود مشددة على حركة الاشخاص والبضائع في الضفة الغربية والحصار الاسرائيلي الجائر المفروض على قطاع غزة وحملات الدهم والاعتقال والتنكيل بالفلسطينيين الى جانب الاعتداءات اليومية التي يرتكبها المستوطنون تحت سمع وبصر وحماية القوات الاسرائيلية، يؤكد بما لا يدع مجالا للشك ان اسرائيل الحقيقية هي اسرائيل الاحتلال والاستيطان والانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي وليست اسرائيل التي يحاول بيرس خداع العالم برسم صورة وردية لها.

ولوكان بيرس معنيا حقا بالسلام القائم على العدل والمنسجم مع الشرعية لامتلك الجرأة وقال بوضوح انه يدعو حكومة اسرائيل لاستغلال جهود السلام الحالية واعطائها دفعة حقيقية للأمام بالاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وإعلان استعدادها لإنهاء احتلالها غير المشروع ووقف الاستيطان حتى يمكن لفرصة السلام ان تكون حقيقية فعلا.

ولتذكير بيرس فان تصريحاته الغامضة والعامة حول السلام لم تعجب حكومة اسرائيل وتنصلت منها على لسان احد وزرائها، يوفال شتاينيتس، وزير الشؤون الاستراتيجية الذي قال بالحرف الواحد امس عن تصريحات بيرس: مع الاحترام لرئيس الدولة فان الحكومة هي التي تتخذ القرارات السياسية وأي تصريح من هذا القبيل- اي تصريحات بيرس- خاصة قبل الشروع في المفاوضات السلمية المحتملة ليس مفيدا بالنسبة لموقف اسرائيل، ويكفي ان يقرأ بيرس هذا التصريح ليدرك ان الشعارات المضللة التي أطلقها في المنتدى الاقتصادي العالمي لا تعبر عن موقف اسرائيل وحكومتها المنتخبة.

والأغرب من ذلك ان يرافق بيرس مجموعة كبيرة من رجال الأعمال الاسرائيليين على أمل الحديث عن مشاريع ومخططات اقتصادية بمشاركة اسرائيلية- عربية في الوقت الذي تنص فيه مبادرة السلام العربية التي يفترض انها ملزمة لكل أعضاء الجامعة العربية بأن الشرط الرئيسي لاقامة علاقات طبيعية مع اسرائيل هو انهاء الاحتلال الاسرائيلي للأراضي المحتلة منذ عام ١٩٦٧وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، وفي الوقت الذي تواصلت فيه اعمال الاستيطان غير الشرعي والانتهاكات الاسرائيلية الجسيمة في الاراضي المحتلة فيما كان المنتدى منعقدا وفيما كان بيرس يردد عباراته الجوفاء حول السلام.

ولذلك نقول ان السلام والأمن في هذه المنطقة وازدهار وتعاون شعوبها لا يمكن ان يبنى او يبدأ قبل انهاء الاحتلال الاسرائيلي ووضع حد للمأساة الفلسطينية المتواصلة منذ عقود بفعل هذا الاحتلال البغيض بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، وبإطلاق سراح الآلاف من مقاتلي الحرية والأسرى وحل قضية اللاجئين حلا ينسجم مع القرار الأممي١٩٤، وبدون ذلك فان من غير المعقول او المقبول ان تتمتع اسرائيل بالسلام والأمن وان تنفتح امامها أسواق العالم العربي او ان يشارك العرب بمشاريع مع اسرائيل في الوقت الذي تحتل فيه فلسطين وتمعن في انتهاكاتها وتسد الطريق أمام السلام، وهو ما يجب على بيرس وغيره من قادة اسرائيل ان يفهموه جيدا.
 

Email