صادق الوعد

ت + ت - الحجم الطبيعي

 الثبات على المبدأ وإقران الأقوال بالأفعال يعدان من الجوانب المضيئة في الشخصية الإنسانية، وخير معبر عن صدق نيات صاحبها وتوجهاته، وحين يجتمع هذان الجانبان المضيئان مع الحكمة والكياسة وبُعْد النظر في وعاء النفس والعقل، فإن صاحب هذه الشخصية في قامات الرجال والقادة والحكماء هو حالة استثنائية، تأتي أقواله دون تكلف أو تقعر، وأفعاله دون رياء أو نفاق، فيتكئ على شرفة التاريخ، إيذانًا بوضع إنجازاته ورسم بصماته في بنيان التاريخ الشامخ.

واليوم يتكئ تاريخ عُمان الحديث بكل فخر واعتزاز على إنجازات عظيمة سطرتها أيادي النهضة المباركة التي قادها بكل حكمة واقتدار حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ واضعًا بكل رسوخ وشموخ وسؤدد أقدامه على عتبات التاريخ العماني المجيد الناصع البياض والمفعم بمشاعر المحبة والألفة والتلاحم والتعاون، ببناء دولة عمانية عصرية في زمن وجيز، بناء ما كان له أن يكون لولا تلك الجوانب المضيئة والصفات الحسنة التي اجتمعت في شخصية جلالته ـ أيده الله ـ والمتابعة الحصيفة لكل مرحلة من مراحل البناء.

ولذلك لا غرو أن نقف اليوم فخورين على الوفاء بالوعد والثبات على المبدأ لجلالة عاهل البلاد المفدى ـ أعزه الله ـ على امتداد سني النهضة المباركة وحتى عامها الحالي الثالث والأربعين من خلال أول حوار صحفي شرف به "الوطن" "صوت عمان في الوطن العربي" وذلك بعد ثمانية أشهر من تولي جلالته مقاليد الحكم في البلاد والتي (أي الوطن) شرفها بقوله "لا شك أن الوطن نقلت أخبار وفد الصداقة إلى الدول العربية وما لقيه من حفاوة وحماس لعُمان وشعبها"، حيث كانت صورة الدولة العمانية العصرية وملامحها ومفاصلها وبكل تجلياتها والمرتسمة في عقل جلالته ووجدانه والتي كشف عنها بكل رحابة صدر وبكل صدق لـ"الوطن" هي الدولة التي نتفيأ جميعًا ظلالها اليوم، فغدت واقعًا مشاهدًا وملموسًا يشار إليه بالبنان، فالرؤية الشاملة لصورة الدولة العمانية وفلسفة الحكم فيها سلكت مسالكها وفق ما هو مرتسم في عقل ووجدان القائد الباني، رؤية وفلسفة جمعتا عوامل النجاح تجاوزت تحديات التاريخ والجغرافيا والواقع المعاش بدءًا من الاهتمام بالإنسان بإعادة صياغة تكوينه العقلي والنفسي بالعلم والتعليم والثقافة، وتحقيق رفاهيته وأمنه واستقراره.

وربط حاضره بمآثر تراثه التليد، وتحديد شكل العلاقة بين الحاكم والمحكوم، وأهمية ارتكازها على المصارحة والمكاشفة والتشارك في المسؤولية، والعزم الأكيد والرغبة الصادقة والعمل الجاد على إقامة دولة التسامح والعدالة والمساواة، وعلى سياسة الأبواب المفتوحة لجميع المواطنين دون استثناء، والاهتمام بالتنمية الشاملة والتنويع الاقتصادي، وانتهاءً بتحديد ثوابت السياسة الخارجية والتأكيد عليها والقائمة على مد جسور الصداقة والعلاقات بالند للند واحترام المصالح المشتركة وحل قضايا الشعوب بالحوار، ونصرة القضايا العادلة.

إن من يتابع تلك المفردات الوطنية التي صاغها عقل ووجدان جلالة السلطان المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ وأباح بها لـ"الوطن" عام 1971م سيجد أن هذه المفردات حاضرة اليوم في كل لبنة من لبنات الوطن وفي كل محفل ومناسبة، وهو ما يؤكد ما قلناه آنفًا الثبات على المبدأ والوفاء بالعهد، فتحية إجلال وإكبار نزجيها إلى قائدنا المفدى الذي عرف وعرفنا قدر نفسه، وثبات مبدئه، وصدق وعده، ومطابقة فعله قوله.

Email