القضية بحاجة الى اكثر من التوبيخ

ت + ت - الحجم الطبيعي

من المقرر ان يصل وزير الخارجية الاميركية جون كيري الى المنطقة اليوم لدى بدء زيارة جديدة في اطار جولاته المكوكية للبحث عما يسمونه ايجاد الظـروف والبيئة السياسية المناسبة لاستئناف عملية المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية.

وقد سبقت هذه الزيارة حادثة قيل انها غير عادية تمثلت بتقديم كيري احتجاجا حادا وصل حد التوبيخ الى السفير الاسرائيلي في واشنطن مايكل اورون على خلفية اضفاء الشرعية على اربعة مواقع استيطانية بالضفة، ووصفت مصادر اسرائيلية هذا التوبيخ بانه اول مواجهة من نوعها بين الادارتين الاميركية والاسرائيلية.

ومن المعروف ان الاستيطان يشكل العقبة الاساسية امام استئناف المفاوضات وهو سبب توقفها اصلا، وتؤكد القيادة الفلسطينية باستمرار ان وقف الاستيطان سيؤدي الى تحريك العملية السلمية فورا، لكن اسرائيل لا ترفض ذلك فقط وانما تعمل العكس تماما اي انها تواصل الاستيطان بكثافة وتشرع المستوطنات التي توصف بالعشوائية، وفي كل مناسبة ودون مناسبة يؤكد كل مسؤوليها وقادتها انه لن يتوقف ابدا، ويجيء تشريع المواقع الاستيطانية الاربعة في هذا السياق. واذا كانت واشنطن غاضبة فعلا فان غضبها يجب ان يكون ضد الاستيطان عموما وليس ضد تشريع المواقع فقط.

ويعتقد بعض المراقبني ان "التوبيخ" اقرب ما يكون الى "عتاب" بين الاصدقاء رغم ما قيل عن حدته، وقد يكون هدفه تلطيف الاجواء قبيل الزيارة، والمساعي لعقد اجتماع في الاردن بني كيري وكل من الرئيس ابو مازن ورئيس اسرائيل شمعون بيريس على هامش مؤتمر دافوس الاقتصادي يم الاحد القادم، حيث اكدت مصادر متعددة ان هناك مساعي لعقد ندوة حول السلام في الشرق الاوسط على هامش اعمال المؤتمر يشارك فيها المسؤولون الثلاثة والملك عبد الله ملك الاردن وربما آخرون ايضا.

سواء انعقدت الندوة ام لا، وسواء شارك فيها الرئيس ابو مازن ام لا، فأن ما تؤكد عليه القيادة الفلسطينية ان لا تفاوض دون وقف الاستيطان والممارسات الاسرائيلية المستمرة يوميا ضد اية احتمالات للسلام والعمل على قتل كل امكانات لتحقيق حل الدولتين، سواء بالاستيطان او تهويد القدس وتغيير ملامحها وطابعها وتزييف تاريخها وتهجير ابنائها ورفض مجيء لجنة اليونيسكو للبحث في هذه الممارسات، وكذلك ما يسمى بكل حق ومنطق، مجازر هدم البيوت في القدس وغيرها من المواقع والمدن والقرى الفلسطينية واعتداءات المستوطنين ضد البشر والشجر والحجر من شمالي الضفة الى جنوبها.

القضية بحاجة الى اكثر من توبيخ حول تشريع مستوطنات جديدة، وتتطلب مواقف اميركية ودولية جادة وحقيقية ضاغطة لوقف كل الممارسات الاسرائيلية التي لا تعرقل عملية السلام او استئناف المفاوضات فقط وانما تقتلها وتقضي على كل فرص التوصل اليها مهما تكررت الزيارات واشتدت لهجة التوبيخات.
 

Email