المملكة وتركيا.. تعاون يخدم الشرق الأوسط

ت + ت - الحجم الطبيعي

بحضور ولي العهد الأمير سلمان بن عبدالعزيز، وقعت المملكة وتركيا أمس اتفاقية التعاون الصناعي الدفاعي بين البلدين.. تجدد دائم في هذه العلاقة المميزة بين هذين البلدين الكبيرين، وفرصة للحديث عن تركيا الجديدة بقيادة حزب العدالة والتنمية.

منذ صعود هذا الحزب إلى السلطة تغيرت ملامح السياسة التركية، وبات حضورها قويا على الساحة الإقليمية، لكن قبل ذلك استطاع الحزب في سنوات الألفية الجديدة النهوض باقتصاد تركيا، ليقفز دخل الفرد التركي أرقاما مضاعفة إذا ما قورنت بسنوات التسعينات. أما ما يتعلق برؤى وأجندات السياسة التركية، فلا غرو أن "العدالة والتنمية" استدرك الأخطاء السابقة التي وقع فيها الساسة الأتراك بعد ثورة مصطفى كمال.

عادت تركيا بحماس ورؤية هذا الحزب إلى محيطها الإسلامي، لم تحبذ مواصلة الانسحاب عنه، كما أنها فضلت في ذات الوقت الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، في موازنة استراتيجية مهمة، وهي تعي أن لغة المصالح المشتركة، سواء مع جيرانها في الغرب، أو في الشرق الأوسط، مقدمة على أي إيديولوجيا قومية أو سياسية. تخلصت تركيا من عقدة أتاتورك وما يتبعها من أزمة الهوية، واستطاعت مجاراة الحداثة، لتعد من أهم الأسواق الناشئة، ولتكون عضوا في مجموعة العشرين، وهي تقترب الآن من إنهاء ديونها في صندوق النقد الدولي.

إن دخول تركيا في المشهد السياسي الإقليمي لا يعد خطرا استراتيجيا، كما يتصور البعض، فتركيا ليست إيران، بل إن نجاحها السياسي خارجيا يعد انعكاسا لمعطياتها الداخلية، فهي دولة إسلامية لا مذهبية، ولا تنزع إلى التمدد على حساب الشعوب، ولا تدخل الدين في حساباتها السياسية كإيران، كما أن موقفها من الإرهاب والاستبداد واضح وجلي، وموقفها من القضية الفلسطينية موفق، ولذا فإن علاقاتها مع المملكة تعد ضرورة بالغة، والأسباب معروفة سلفا، فتركيا والمملكة دولتان معتدلتان، وملتزمتان بكل المواثيق الدولية، وتهدفان إلى استقرار الأوضاع الإقليمية والنهوض الاقتصادي، كما تشتركان في كثير من الرؤى حول بعض القضايا العربية، كالأزمة السورية، وقبلها القضية الفلسطينية.

التعاون المستمر بين المملكة وتركيا في صالح الدولتين الكبيرتين، كما هو في صالح المنطقة، بل إنه يوجد توازنا إقليميا في الشرق الأوسط المتوتر على الدوام.
 

Email