الأولويّة لوقف سفك الدماء

ت + ت - الحجم الطبيعي

تصطدم الجهود المتواصلة عربيًّا ودوليًّا لإيجاد حلٍّ سياسيٍّ للأزمة السوريّة التي دخلت عامها الثالث وخلفت وراءها عشرات الآلاف من الضحايا الأبرياء وملايين النازحين واللاجئين بتواصل العنف والقتل كخيار يتبعه النظام لإخماد الثورة السوريّة المطالبة بالحرّية والديمقراطيّة والتغيير.

لقد فشلت كل المبادرات الدوليّة والعربيّة في دفع النظام السوري للإصغاء لصوت العقل والتوقف عن استخدام الطائرات والصواريخ وبراميل الموت في مواجهة الشعب السوري ومطالبه العادلة ويبدو ما اصطلح على تسميته بمؤتمر جنيف 2 الفرصة الأخيرة أمام المجتمع الدولي لإجبار النظام على وقف العنف والقتل.

إن الجهود الدوليّة والعربيّة يجب أن تنصبّ الآن وقبل إجراء الترتيبات لعقد مؤتمر جنيف 2 على وقف سفك الدماء في سوريا فلا يُعقل أن يتحاور النظام والمعارضة في مؤتمر جنيف بينما الدماء تسيل في المدن والبلدات السوريّة والقتل مستمر لا يتوقف.

لقد زادت معاناة الشعب السوري وتفاقمت كثيرًا وبدأت الأزمة السوريّة تترك آثارها على دول الجوار ما يُهدّد باتساع المأساة الإنسانيّة وتعريض الأمن والاستقرار في المنطقة للخطر.

إن الدول الفاعلة في المجتمع الدولي باتت مطالبة بالتغلب على انقساماتها وخلافاتها وسرعة التحرّك لوضع حدٍّ لهذه المأساة المروّعة والكارثة الإنسانيّة المتفاقمة.

إن ما سيُقنع الشعب السوري الذي يتعرّض للقتل والتهجير بصدق النوايا الدولية لإخراجه من محنته إجبار النظام على الوقف الفوري لإطلاق النار والسماح لمنظمات الإغاثة الدوليّة بالدخول إلى جميع الأراضي السوريّة بدون شروط للتخفيف ما أمكن من نكبة الشعب السوري.

الشعب السوري يُدرك أن مؤتمر جنيف 2 لا يملك حلاًّ سحريًّا للأزمة في سوريا وأن مجرّد انعقاده لا يعني خروج سوريا من محنتها لكنه يُدرك أيضًا أن المؤتمر يُشكّل فرصة حقيقيّة وخطوة أولى في مسيرة الألف ميل لإنهاء الأزمة.

لقد صنع النظام بينه وبين الشعب السوري بحرًا من الدماء بحيث قد لا يخلو بيت سوري من قتيل أو جريح أو معتقل ومن هنا يُمكن فهم رفض الشعب السوري والمعارضة السورية الحوار مع من تلطخت أيديه بدماء الشعب السوري والتأكيد على أن المرحلة الانتقالية في سوريا، وتشكيل حكومة ذات صلاحيّات كاملة بالتفاهم بين الأطراف، ستكون بدون الأسد.

ما يجب أن يُدركه الجميع أن فشل المجتمع الدولي في إجبار النظام على وقف إطلاق النار كشرط لانعقاد مؤتمر جنيف 2 يعني أن المؤتمر يحمل بذور فشله وان حمام الدم السوري سيتواصل ويمتدّ إلى دول الجوار كافة.
 

Email