العراق: إقناع الناس أو التغيير لتفادي الكارثة

ت + ت - الحجم الطبيعي

الهروب من جذر المشكلة لا يقود إلى حلها، ومن لا يتعظ بغيره يتورط بمثل ما تورط به الآخرون عندما لا يتصرفون بحكمة ووعي.. هذا هو واقع الأمر في العراق.

فأن يختصر رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في كلمته الأخيرة - التي ألقاها في اليوم الوطني لضحايا المقابر الجماعية - أزمة العراق بتحميل حزب البعث مسؤولية التفجيرات والانتهاكات والتصعيد الشعبي ضده، فتلك مناورة لن تفلح في إقناع المتظاهرين الذين خرجوا لأسباب لا علاقة لها بحزب البعث، كما أن مواجهة مظاهراتهم بالقتل وإرسال قوات الجيش لقمعهم وعدم الاعتراف بمطالبهم.. كل ذلك أسهم في تردي الأوضاع والتحول إلى حمل السلاح من قبل عدد كبير منهم.

أرواح الناس أمانة لدى الحكومة التي تدير العراق، وارتفاع عدد الضحايا يعني أن الحكومة في حالة عجز عن التصرف، وهذا ما لا يصح وجوده في دولة تطمح لمستقبل آمن تشارك كل أطياف المجتمع في مراحلها التنموية، ولا يستحوذ طيف واحد على الحصة الكبرى من مقدرات الدولة ويترك الفتات للآخرين.

وبناء على ذلك، يتضح الوعي لدى المعتصمين في المحافظات العراقية عبر اختيارهم أول من أمس شعار "خيارنا حفظ وحدتنا" ليوم الجمعة، وعلى الحكومة أن تكون على مستوى وعي الشعب وتدعم خياره وتزيل الأسباب التي جعلت خطباء الجمعة يتهمون المالكي بـ"الطائفية والعجرفة". وهذا ما جعل المشهد يوحي بأن المجموعات الكبيرة التي تتظاهر لن تهدأ حتى تتحقق مطالبها، مما يستدعي المرونة في التعامل معها، كي لا يبلغ العراق مرحلة كارثية.

الانفجارات التي حدثت نهاية الأسبوع الماضي وكذلك أول من أمس في العراق تشير إلى أن الأزمة في طريقها للتحول إلى حالة أكثر تعقيدا، وعلى الحكومة بأي حال أن تكون على مستوى المسؤولية وتتحملها بموقف يحسب لها إن أرادت الخروج من المأزق والوصول بالعراق إلى بر الأمان، وتبحث في الأسباب الحقيقية وتستنبط من خلالها الحلول وتوظف كل طاقتها لمنع حدوث تفجيرات جديدة وتعمل على تهدئة الأوضاع وإقناع الناس بالخيارات السليمة العقلانية، وإن لم تستطع، فلا بد من التغيير حتى يتولى السلطة من لديه القدرة على إنقاذ العراق مما هو فيه.
 

Email