ما أكثر المطارق على رؤوس العراقيين

ت + ت - الحجم الطبيعي

 سيظل العراق بما آلت إليه نتائج الاحتلال الأنجلو ـ أميركي، على النحو الذي يراه الجميع من دمار وخراب ومآسٍ وأنهر دم متدفقة يوميًّا، شاهدًا على إرهاب الدولة الذي مارسته ولاتزال تمارسه دول الاستعمار القديم ـ الجديد، وكيفية اللعب بالعواطف واستخدام المبادئ الأخلاقية أقنعة من أجل تدمير المجتمعات العربية وأخلاقياتها، وضرب أواصرها آصرة آصرة، وبهدف السيطرة على مقدرات الشعوب العربية ونهب ثرواتها، وبقصد تأمين كيان الإرهاب والاحتلال الصهيوني في المنطقة قوة أوحد. وسيظل العراق أعظم برهان غير قابل للنسيان ولا المحو من الذاكرة الجمعية العربية خاصة، والذاكرة العالمية الحرة، وراسخ في سجلات التاريخ إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، على الأساليب الدنيئة والوضيعة التي تدل على دناءة ووضاعة المتاجرين بحقوق الشعوب والناثرين على ساحاتها الحروب العسكرية والطائفية والمذهبية والعرقية، لكسر إرادات الشعوب العربية وصمودها في مواجهة سياسات القوى الإمبريالية والاستعمارية، ومواجهة أعتى قوة إرهاب واحتلال في العالم مدعومة من القوى الإمبريالية ألا وهي كيان الاحتلال والإرهاب الصهيوني، ولهدم قيم الانتماء والولاء للأوطان وضرب الهويات العربية، ونزع مفهومه الشامل في النفس والقلب والعقل لدى المواطن العربي ليكون محصورًا للطائفة أو المذهب أو القبيلة.

بعد أكثر من عشر سنين على تدمير العراق وإخراجه من معادلة الصراع العربي ـ الصهيوني، وتغريبه في وطنه العربي، يقف الشعب العراقي الآن بين مفترق طريق إما العراق؛ ذلك البلد العظيم الشامخ ذو الحضارة الذي وقف طوال مراحل التاريخ مؤثرًا ومقدمًا للعالم عصارة علومه وخبراته وعلمائه، وعلو كعب حضارته، وذلك البلد الذي ضرب أروع الأمثلة في التعايش الأهلي السلمي، فلا يكاد مواطن عراقي يفقه ما معنى عراقي سني أو عراقي شيعي، بل إن هذا التفريق الكريه لم يكن يعرفه العراقيون إلا بعد مجيء المرجفين في الأرض والهادمين للكيانات الإنسانية والمجتمعات البشرية، والحاقدين على الحضارة. وإما أن يسير العراقيون في طريق الطائفية البغيضة التي تقودها الجماعات التكفيرية والإرهابية.

وما يجري من مسلسل دموي يومي في العراق يعد من توابع الأكاذيب التي تم بموجبها تدميره، ويعمل على وفقها الآن تدمير سوريا، حيث يراد من العراق الجديد أن يكون طرفًا في تدمير سوريا، ولأنه يقف على حقيقة ما يروج من دعايات وأكاذيب كان قد جربها عام 2003م، ولهذا تتم معاقبته عبر سلاح الطائفية سلاح إرهاب القاعدة ومن ينضوي تحتها من جماعات إرهابية، وهو السلاح ذاته الذي تضرب به سوريا لإسقاطها.
وللأسف أن العراق ما كان له أن يصبح ويمسي على أنهار دم يسيلها تنظيم القاعدة وأذرعه وأفرعه، لولا الأدوات الإقليمية، ولولا الاستعداد لدى بعض ضعاف النفوس داخل العراق الذين قبلوا أن يكونوا جزءًا من مشروع التدمير الذاتي لمصلحة القوى الإمبريالية والاستعمارية ولخدمة كيان الاحتلال الصهيوني. فما أكثر المطارق التي نزلت على رؤوس العراقيين من استعمار للثروات والعقول والأفكار، وهدم للتعايش السلمي وضرب للاستقرار، وتلويث للتسامح الديني والتعايش الطائفي، وفساد متعاظم، وتنازع على السلطة.

ومن المؤسف أننا لا نملك الا التمنيات أن ينتصر العراقيون لعراقهم الخالي من الطائفية مستعينًين بصوت العقل والمنطق، ومستلهمًين تاريخهم القائم على التعايش السلمي والاستقرار ومفوتين على أعدائهم فرصة استكمال مشروعهم التدميري والتفتيتي للعراق وللوطن العربي.

Email