الإدانة وحدها لا تكفي

ت + ت - الحجم الطبيعي

شكّلت إدانة الجمعيّة العامّة للأمم المتحدة "للنظام السوري" بسبب ممارساته الوحشيّة وتصعيده ضدّ الشعب السوري اعترافًا متأخّرًا من قبل المجتمع الدولي بالجرائم البشعة التي ترتكبها قوات النظام ومليشياته وشبّيحته ضدّ الشعب السوري بكل فئاته.


إن تصويت الجمعيّة العامّة للأمم المتحدة بإدانة وحشيّة النظام تُشكّل رسالة واضحة بضرورة وقف القمع الوحشي الذي يتعرّض له الشعب السوري وتأكيدًا على نبذ المجتمع الدولي لهذا النظام وأركانه الذي يرفض الاعتراف بالتطلعات المشروعة للشعب السوري في الحرّية والديمقراطيّة.


إن الإدانة الدولية الكبيرة لممارسات النظام السوري لا تبدو كافية لإقناع النظام بوقف القتل والعنف وإنهاء معاناة الشعب السوري وهو ما يُرتّب مسؤوليّة أخلاقيّة على المجتمع الدولي ممثلاً بالأمم المتحدة لتكثيف الجهود والضغط على النظام لإجباره على وقف العنف والسماح بمرور المساعدات الإنسانيّة. والدفع بانتقال ديمقراطي للسلطة في سوريا، مع ضمان تقديم مرتكبي جرائم الحرب إلى محكمة الجنايات الدوليّة لمحاسبتهم على جرائمهم.


لقد أسقط القرار الأممي رغم أنه غير مُلزم في يد النظام وحلفائه فقد أظهر أن المجتمع الدولي وإن كان متحفّظًا على التدخّل المباشر في الشأن السوري إلاّ أنه يُدرك جيّدًا ما يتعرّض له الشعب السوري على يد نظامه من قتل طائفي مذهبي وما تتعرّض له سوريا من تدمير بسبب استخدام النظام ومليشياته للأسلحة الثقيلة والطائرات والصواريخ في قصف المدن والبلدات السوريّة الثائرة على النظام.


إن البناء على قرار الجمعيّة العامّة للأمم المتحدة والسعي لتطبيقه على أرض الواقع يستدعيان من الدول الأعضاء في مجلس الأمن أن تضغط باتجاه الوقف االفوري لكل أشكال العنف وإلى المشاركة في "انتقال سياسي" على أساس إعلان جنيف في شهر يونيو 2012 الذي ينصّ على تشكيل حكومة انتقاليّة تضطلع بصلاحيّات تنفيذيّة كاملة بما في ذلك الصلاحيّات المنوطة حاليًا بالرئاسة والحكومة السوريّة مع ضرورة أن يكون رئيس النظام الحالي وأركان نظامه خارجها.


الشعب السوري الذي فقد أكثر من تسعين ألفًا من أبنائه قتلهم النظام الذي دمّر المدن والبلدات السوريّة واعتقل عشرات الآلاف من السوريين وهجّر ثلث الشعب السوري داخل وخارج سوريا لا يُمكن أن يقبل بعد هذا الكمّ الهائل من التضحيات أن يتفاوض مع من تلطخت يداه بدماء السوريين أو أن يُشاركه في حكومة انتقاليّة.


لقد حكم النظام السوري على نفسه بالرحيل منذ أن أطلق الرصاصة الأولى على المظاهرات السلميّة التي انطلقت في شهر مارس عام 2011 تُطالب بالحرّية والديمقراطيّة والتغيير فلا يُمكن لمن قتل الشعب السوري أن يقبل به الشعب حاكمًا من جديد.
 

Email