التصفيات المذهبية.. والتقسيم المحتمل لسورية

ت + ت - الحجم الطبيعي

التصفيات المذهبية التي نفذها النظام السوري وما زال يمارسها في بعض المناطق مثل بانياس، وعزمه المبيت على تصفيات مماثلة كما في حشود قواته المدعومة بمقاتلين من حزب الله حول مدينة القصير الواقعة في ريف حمص قريباً من الحدود اللبنانية، كل ذلك يشير إلى خطة غير معلنة لدى النظام بتفريغ مواقع محددة من أهلها تمهيداً لمرحلة لاحقة ضمن أحد السيناريوهات المحتملة في حال تضييق الخناق عليه مثل إمكانية تقسيم الدولة، فيحتفظ النظام بالمناطق التي تشكل فيها الطائفة الموالية له أغلبية، ويضم إليها المناطق التي أفرغها من سكانها وهي بحسب جغرافية البلد تعد مناطق استراتيجية بالنسبة إليه، فـ"القصير" منفذ حيوي إلى لبنان، وبانياس ساحلية وفيها مصفاة النفط وتقع بين مدينتي جبلة وطرطوس اللتين يعتبرهما النظام تابعتين له، بعد أن سهل لطائفته السيطرة عليهما عبر أربعة عقود مثل جبلة التي صار "السنّة" فيها أقلية بعد أن كانوا أغلبية مطلقة.

وإذ تظاهر السوريون أول من أمس تحت عنوان "بانياس.. إبادة طائفية، والغطاء أممي"، فلأنهم يدركون حقيقة النظام ونياته، أما تخوفات مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان من إمكانية ارتكاب النظام أعمالا وحشية ضد المدنيين في "القصير"، فهي مشروعة من خلال ما جرى في الفترات السابقة من عمر الثورة السورية، لكن تخوفاتها لن تقدم أو تؤخر مادام النظام يتمتع بحماية روسية تؤكدها تصريحات وزير الخارجية الروسي أول من أمس في وارسو بأن "بلاده في آخر مراحل تسليم صواريخها للدفاع الجوي إلى سورية" مما يضعف احتمال التوصل إلى حل سياسي في المؤتمر الذي اتفقت الولايات المتحدة وروسيا على عقده نهاية الشهر الجاري.

روسيا من جديد تتناقض مع ذاتها حين تعلن أنها تسعى لإنهاء الأزمة فيما هي تزيدها اشتعالاً بتسليح النظام، في انحياز سافر للباطل لم يعد مقبولاً مع تصاعد التصفية المذهبية والمجازر التي يرتكبها النظام ضد الشعب.

ولذلك، ليس كافياً أبداً تصريح وزير الخارجية الأميركي أن تسليم سورية صواريخ روسية "سيقوض على الأرجح استقرار المنطقة"، فالمشكلة التي يجب حلها الآن هي كيفية مواجهة دولة كبرى وعضو دائم في مجلس الأمن وواحدة من خمس دول تمتلك حق "الفيتو" باتت طرفاً ضد شعب في كفاحه من أجل الحرية.
 

Email