هل بدأت واشنطن تدرك أخطاءها؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

حين بادرت الولايات المتحدة الى احتلال العراق كانت ذريعتها المعلنة هي امتلاك بغداد أسلحة دمار شامل، بينما كان هدفها غير المعلن هو تدمير قوة دولة عربية صاعدة بضغط من القوى المؤيدة لاسرائيل. وحصل للعراق ما هو فيه اليوم من شبه حرب أهلية وانقسامات طائفية وتفجيرات وتدمير وخراب يومي ومعاناة لا تتوقف للمواطنين وتقريباً انتهاء العراق كدولة قوية او متماسكة.

اليوم يبدو ان سوريا هي المرشحة لدور شبيه بالحالة العراقية، ويتزايد الحديث عن استخدام النظام أسلحة كيميائية ضد المعارضة مما يعتبر خرقا «للخطوط الحمراء» كما تقول واشنطن وانتهاكاً لكل المواثيق والقوانين الدولية. وقد أراد البعض من ترويج هذه الأقوال دفع الغرب الى التدخل العسكري المباشر ضد سوريا، تماماً كما حدث في العراق.

لكن نائب الرئيس الاميركي جو بايدن، قال في مقابلة صحفية ان بلاده تتعامل بكل حذر مع الملف السوري بعد الأخطاء التي ارتكبت في العراق حيث تبين بعد الاحتلال ان أسلحة الدمار الشامل التي تحدثوا عنها لم تكن موجودة أساساً رغم كل التحريات ولجان التحقيق، وكذلك الحال بالنسبة لما يتردد عن استخدام أسلحة كيميائية في الحرب الدائرة في سوريا حاليا.

هل تعلمت واشنطن الدرس فعلاً؟ وهل بدأت تعيد النظر في بعض سياساتها كما اتضح في الاتفاق الروسي-الاميركي الاخير حول سوريا وضرورة ايجاد حل سلمي وسياسي للحرب السورية وعقد مؤتمر يضم اطرافاً من المعارضة والنظام للخروج من المأزق الدامي والمدمر؟

وهل هذا التغير هو مجرد الحرص على المصداقية أم أن المعادلات الاقليمية والدولية فرضت وجودها ودورها؟ ألم تكتشف واشنطن وجود قوى للقاعدة في سوريا وهي التي تعلن الحرب على هذه «القاعدة»؟ ألم تكتشف واشنطن ان نظام الأسد صمد بقوة أمام كل التحديات وان اي تدخل سيؤدي الى تداعيات اقليمية غير مضمونة العواقب والنتائج فيما يتعلق بدول الجوار في لبنان والأردن واسرائيل بصورة خاصة؟

اننا نأمل ان تكون واشنطن بدأت تدرك اخطاءها فعلاً، وأكبر هذه الأخطاء ليس في العراق وانما في القضية الفلسطينية وهذا الانحياز الأعمى لكل الممارسات والسياسات الاسرائيلية، والتنكر شبه التام لكل الحقوق الوطنية لشعبنا الفلسطيني، مما يهدد في المدى المتوسط والبعيد كل السياسات والمصالح الاميركية بالمنطقة، وقد لا يكون مجدياً آنذاك ادراك الأخطاء ومراجعة الحسابات، وهذه هي إحدى أهم القضايا الاميركية ليس في المنطقة فقط، وإنما على مستوى الشرق الأوسط وربما العالم بأسره، لان هذا الظلم الذي يلحق بشعبنا يحمل في طياته أبعاداً عربية وإسلامية واسعة وإن بدا الأمر غير ذلك حالياً.
 

Email