مبادرة محاطة بالشكوك

ت + ت - الحجم الطبيعي

الشعب السوري لم يعد يقتنع بالتحركات الدبلوماسية في عواصم القرار في العالم لأنه يعرف أنها تبقى محاولات خجولة تعجز عن إيقاف آلة القتل والدمار اليومية في سوريا، فالهالة الإعلامية المصاحبة لتلك التحركات تبقى غير قادرة على تسويقها في صفوف الشعب السوري لانه يعرف أن شيئا لن يحدث طالما لم يكن هناك قرار واضح بفرض وقف فوري لجرائم النظام تحت طائلة المسؤولية.

فالعالم الذي استطاع أن يفرض قراره في عدة أحداث سابقة واستباح لنفسه التدخل في العراق قادر على تجاوز كل المعوقات الدبلوماسية بإلزام نظام الاسد الإجرامي بالتعقل وقبول الواقع الجديد المتمثل بان الشعب السوري لم يعد يرغب به منذ انطلاق الثورة قبل 26 شهرا،فكل المجازر والجرائم الذي يرتكبها لن تجدي في إخماد الثورة.

الاتفاق الامريكي الروسي الأخير على ضرورة إحياء مبادرة جنيف من أجل إيجاد حل سياسي في سوريا يبقى غير واضح المعالم ويحيط نفسه بدائرة من الشكوك ، فالأزمة السورية لا تحتاج الى عبارات مطاطة يمكن لكل طرف تفسيرها حسب ما يرغب، بل تحتاج الى قرارات فورية تكفل وقف القتل والتدمير ورحيل النظام الفاشي لانه لم يعد له مستقبل في سوريا الجديدة.

فليس من المعقول أن تستمر روسيا وايران بتزويد نظام الاسد بالأسلحة الفتاكة التي تفتك بالمدنيين، بينما يتم تسويق مبادرة جنيف من أجل فرض الاسد كطرف أساسي في الحل السياسي، وهذا ما أكدت عليه دولة قطر في كل محفل دولي انه يجب أن يكون هناك وقف فوري لجرائم النظام السوري ورحيله قبل أن يتم الانخراط في مفاوضات الحل السياسي، فكيف يستوي أن يمد النظام يدا للحوار بينما يبيد شعبه بكافة ما يملكه من أسلحة، فالنظام لا يقتنع بالحلول السياسية إنما يتم فرضها عليه، فحينما يتم تسليح الثوار لفرض توازن قوي يضطر النظام لإيقاف جرائمه ويرحل فورا لان من خرج ضد الظلم لن يرجع ويقبل بهذا النظام الظالم.

جرائم الاسد تجاوزت كل الحدود،فالنظام الذي يقصف شعبه الأعزل بالسلاح الكيماوي في أكثر من مرة،والذي شرع في عمليات تطهير عرقية لكل المعارضين له،من أجل بث الرعب في صفوف شعبه، يجعل من الصعب الوثوق في المبادرة الامريكية الروسية الاخيرة، فكل مبادرة لا تنص صراحة على وقف مجازر النظام ورحيله الفوري تعتبر ميتة لا روح فيها.

العالم مطالب اليوم أكثر مما مضى بكف يد النظام الإجرامي عن الشعب السوري، فليس من المعقول أن يتم التسويق بأن الشعب السوري وثورته سبب الأزمة بينما يعتبر النظام كطرف من الحل، ولذلك جاء موقف المعارضة واضحا برفضه أي مبادرة لا تنص صراحة على إيقاف الجرائم ورحيل النظام المجرم الذي أصبح يشكل خطرا ليس على السوريين فحسب، إنما على دول الجوار من خلال محاولاته المتكررة لتصدير الأزمة.
 

Email