العرب يجب ان يتحملوا مسؤولياتهم

ت + ت - الحجم الطبيعي

حديث القدسبغض النظر عن الموقف مما يجري في سوريا الشقيقة من أحداث مأساوية، من قتل وتدمير وفوضى في هذا البلد العربي، وبغض النظر عن عجز العرب من المحيط الى الخليج وعجز جامعتهم عن وقف هذا النزيف الذي لا يخدم الشعب السوري ولا الامة العربية، فان التصعيد الاسرائيلي الخطير بمهاجمة عدة اهداف في سوريا يشكل تطورا خطيرا يجب ان يشعل الضوء الأحمر أولا لدى الشعب السوري نفسه ولدى القيادة والمعارضة السورية على حد سواء ولدى الأمة العربية، بأن الوقت قد حان لإدراك حقيقة بسيطة وهي ان استمرار ما يجري في سوريا وتدميرها لا يعني سوى إضعاف قطر عربي آخر ولا يخدم سوى مصالح اسرائيل التي أثبتت بتصعيدها هذا انها معنية بخلط كل الأوراق ودفع المنطقة الى حافة الانفجار.

واذا كانت بعض الدول العربية والاسلامية وبينها مصر قد اصدرت بيانات شجب واستنكار للعدوان الاسرائيلي على سوريا فمن الأجدر بالجامعة العربية التي يفترض ان من مهامها حماية الأمن القومي العربي ان تراجع حساباتها وتبادر الى عقد قمة تنقل رسالتين واضحتين لاسرائيل وللمجتمع الدولي: الأولى ان العرب يرفضون هذا العدوان الاسرائيلي السافر الذي يهدد بتفجير الأوضاع في المنطقة وأن لديهم من الخطوات والاجراءات ما يمكنهم من الضغط على اسرائيل وردعها عن الاستمرار في التصعيد، والرسالة الثانية ان العرب لا يمكنهم البقاء في موقف المتفرج إزاء النزيف الدموي والدمار الحاصل في سوريا وإزاء أي تدخل أجنبي لصالح أي طرف وانهم لا يمكن ان يسمحوا بتدمير قطر عربي آخر تحت أية ذريعة وان تبادر الجامعة العربية الى وساطة جدية لحقن الدماء وإيجاد حل سلمي للأزمة القائمة وتجنيب الشعب السوري مخاطر الصراعات الإقليمية والدولية ومخاطر الأطماع الاسرائيلية.

هذا هو الموقف القومي الذي ينتظره كل عربي من الدول العربية وجامعتها، وخاصة من الدول التي تربطها معاهدات سلام مع اسرائيل والقادرة على الضغط عليها.

واذا كنا أمة لا تستخلص عبر الماضي ودروسه فإن أمام القادة العرب أكثر من نموذج لما آلت اليه أوضاع أقطار عربية من دمار وفوضى وضعف وطائفية وصراعات متشعبة بعد أن تخلت الجامعة العربية عن دورها القومي المفترض وسمحت بكل أنواع وأشكال التدخل الأجنبي سواء في العراق او السودان او ليبيا والآن سوريا.

ولهذا فان من الغريب ان تتكرر مأساة أخرى أمام أنظار الحكام العرب عناوينها واضحة وتداعياتها خطيرة.

ألم يسأل الحكام العرب أنفسهم هل حقا ما يجري في سوريا هو لإرساء الديمقراطية وحقوق الإنسان ؟! وهل حقا تدمير سوريا وقتل ابنائها وإعادتها خمسين عاما للوراء سيخدم مصالح العرب؟ وهل التدخل الاسرائيلي السافر في سوريا له ما يبرره ؟ واذا كانت اسرائيل تدعي انها تريد حماية أمنها ونفوذها من خلال إضعاف سوريا او أي من حلفائها فأي اسرائيل هي تلك التي يسكت العرب على ممارساتها؟ أليست هي من يحتل الأراضي الفلسطينية دون وجه حق؟ أليست هي من يحتل الجولان السوري بشكل غير شرعي؟ أليست هي من ينتهك أجواء دولة ذات سيادة عضو في الجامعة العربية هي لبنان ليل نهار؟

ولذلك فان الذرائع والمبررات التي تتستر اسرائيل خلفها في ممارسة غطرستها وعربدتها في المنطقة انما تستهدف تعزيز استيطانها واحتلالها وهيمنتها على المنطقة العربية ومن الأجدر بالجامعة العربية وعلى القادة العرب الوقوف الى جانب فلسطين والوقوف في جانب سوريا في مواجهة مثل هذا النهج العدواني الاسرائيلي.

وفي المحصلة، فان ما يجب ان يقال هنا ان الأمة العربية الآن تقف أمام خيارين: الأول تدمير بلدانها وإضعافها تحت حجج وذرائع واهية وخدمة لأهداف اسرائيل وبعض القوى الغربية، والخيار الثاني ان تقف هذه الأمة موقفا جادا موحدا في مواجهة الأهداف الحقيقية لهذا العدوان وعدم السكوت عليه والالتفات الى التحدي الرئيسي الذي يفرضه الاحتلال الاسرائيلي على أمة بأكملها.
.

Email