الحكومة.. والدور المطلوب لتحسين الأداء

ت + ت - الحجم الطبيعي

لو طرح السؤال الآتي: هل ما تقوم به الحكومة الآن من جهود يندرج في الإطار الوقائي أم العلاجي؟ فإن الإجابة بلا شك أو إجابة الغالبية ستتجه إلى أن جهود الحكومة الآن هي علاجية، وليست وقائية، بدليل تكرار حدوث الأخطاء حين وقوع شيء ما مفاجئ، كالأنواء المناخية الاستثنائية "إعصاري جونو وفيت"، والأمطار الأخيرة وما أفرزته من وقائع على الأرض، سواء فيما يخص عملية إنشاء الطرق وطريقة تصريف المياه منها، أو ما يتعلق بالتخطيط الإسكاني والتعدي على مجاري الأودية، والاعتداء على مظاهر الطبيعة كالجبال والحدائق الطبيعية أو المقامة. ولو طرح السؤال على أصحاب هذه الإجابة: ما الحل الأمثل لتدارك مثل هذه الأخطاء؟

من المؤكد أن الإجابة ستكون هي أن تتجه الحكومة في جهودها في اتجاهين متوازيين هما الاتجاه العلاجي والاتجاه الوقائي، الأمر الذي يتطلب صياغة وتحديد الأهداف المرحلية والمستقبلية وترجمتها إلى خطط وبرامج قابلة للتنفيذ بعد تنفيذ كافة مقومات تحقيقها، وطبعًا مثل هذا الكلام لا يعني بالضرورة وجود قصور أو تقصير متعمد، إلا أن ما يعوز عمليات التخطيط النظرة الاستشرافية والبُعد الاستراتيجي لحظة إعداد الخطط، ولا يعني أيضًا بأي حال من الأحوال أن الحكومة عاجزة عن أداء دورها، بل هي مطالبة بتطوير قدراتها وإمكاناتها وأدواتها ووسائلها بما ينسجم وطبيعة كل مرحلة تعتمدها في إطار خططها الخمسية.

ومن جهة ثانية فإن المجتمع وعلى الرغم من أنه هو المستهدف بالخطط التنموية، فإنه مطالب بأن يكون شريكًا حقيقيًّا وفاعلًا، ما يستوجب أن يتجه نحو بناء قدراته عبر مؤسساته وجمعياته وهيئاته الأهلية التي يتطلب أن يتوافر بها التدريب المناسب والتي تعد قدرات المجتمع انعكاسًا لقدراتها، بحيث تنهض بدورها الوطني ببلورة أهداف توعوية واجتماعية وتعمل على تحقيقها، وبالتالي بناء منظومة عمل متكاملة مع الحكومة، ولعل ما حصل أثناء الأمطار الأخيرة يعطي مؤشرًا على وجود حلقة مفقودة، حيث كانت الجهود الإغاثية والمساعدات الإنسانية غير منسقة، فالهيئة العمانية للأعمال الخيرية تعمل في اتجاه، والأهالي والجمعيات الخيرية والأهلية تعمل في اتجاه آخر.

وما عبر عنه مجلس الوزراء في بيانه بشأن نتائج اجتماعاته خلال شهري مارس وأبريل الماضيين حول الآثار التي ترتبت على هطول الأمطار، حيث أكد تواصل متابعته للآثار المترتبة والتعاطي معها بكافة الوسائل الممكنة، يعطي مؤشرًا على ما قلناه آنفًا في إجابة السؤال أن الجهود هي علاجية، ويحاول أن يرفعها إلى المستوى الوقائي لتشكل تكاملًا يضمن نجاح الجهود.

أما على صعيد تنمية المجتمع، فمجلس الوزراء عازم على مواصلة هذا الدور، من خلال إيجاد الوظائف المناسبة للباحثين عن عمل وتكليف المجلس الأعلى للتخطيط بوضع برنامج وطني للتشغيل خلال السنوات الخمس القادمة، وإقراره الخطة التدريبية للباحثين عن عمل في القطاع الخاص والمتضمنة التدريب المقرون بالتشغيل على رأس العمل، وكذلك التدريب خارج السلطنة من أجل التأهيل في المؤسسات الخاصة.

كما أوصى بفتح فروع في كل محافظة للهيئة العمانية للأعمال الخيرية وذلك من أجل توسيع نشاطها، إلى جانب قضايا دعم الشباب في المجال الرياضي، حيث أقر المجلس قيام وزارة الشؤون الرياضية بإنشاء ثلاثة عشر مركزًا رياضيًّا في بعض الولايات التي لا يوجد بها تلك التسهيلات، إضافة إلى إنشاء نادٍ رياضي في محافظة الوسطى.

إن النظر إلى قضايا المجتمع وما يعتري أي عمل تنموي من سلبيات وتشخيص المشكلات ووضع الحلول المناسبة لها، بل وتداركها قبل وقوعها يعد من دواعي العمل السليم الذي يقود إلى النجاح، ويعد إشراك القطاع الخاص وكافة القوى والفعاليات الوطنية، وتطوير آليات المنافسة بينها وتشجيعها على العطاء، الدعامة الأساسية للنجاح.
 

Email