البيضا تكشف عورة العالم

ت + ت - الحجم الطبيعي

من مجزرة لمجزرة، دم السوريين يسيل، ويتخثر، والعالم يتفرج- غير عابئ -

بكل هذا الدم، وغير مبال بكل صرخة من طفل، ولا بأي استغاثة تقطع نياط القلب،

من امرأة، أو كهل، او مطلق مستغيث!

هذا العالم- إزاء كل هذه المجازر التي توقف شعر الرأس - لكأنما أصبح عالما بلا عينين.. ولكأنما أصبح بلا أذنين، وبلا قلب، ولا ضمير.. هو عالم ليست فيه ذرة واحدة من مروءة، ولا ذرة من شجاعة، ولا ذرة واحدة من قدرة على حماية المستضعفين، من كل انتهاك فظيع، يُشيّب حتى الاطفال.

ما يجري في سوريا، من مجازر، يطعن طعنا- في جملة واحدة- في انسانية هذا العالم.

آخر المجازر التي فضحت هذا العالم فضحا، وأظهرته مثل فرعون، عاريا، حتى من ورقة توت، شهدتها قرية البيضا، بالقرب من مدينة بانياس الساحلية.

هجم النظام الدموي بالرصاص الأعمى، والقذائف، وشبيحته بالبلطات والسواطير،

والسكاكين، على القرية.. وكان بديهيا، ان تصير مجزرة، ويسيل الدم، وتفوح رائحته، لكن للاسف، هذا العالم الذي لا يرى ولا يسمع، لم يعد قادرا أن يشم أيضا، حنى رائحة الدم، المختلط بالصراخ.. بالهستيريا، والنذالة.

مجزرة من وراء مجزرة، ولو كان هذا العالم قد انتبه- منذ البداية- إلى أقوال الذين يعرفون دموية هذا النظام الشرير، واتخذ موقفا نصيرا للحياة، لما كانت أول مجزرة، ولما كان – من بعدها- مسلسل المجازر المروعة.. بل ولما كان كل هذا القتل،بالجملة، ولا كان كل هذا الدم.. وكل هذا العار الذي يتمرغ فيه هذا العالم.

النظام السوري، نظام ليس جديرا بالحياة، لأنه نظام نقيض الحياة.. هذا ما تقول به

قرية البيضا.. وما قالته البيضا كانت قد قالته حماة، في الثمانينات، لكن هذا العالم،

للأسف، أصبح بلا ذاكرة أيضا!

 
 

Email