العراق والأخطار المحدقة به

ت + ت - الحجم الطبيعي

تأتي مشاورات جامعة الدول العربية لتعيين مبعوث عربي إلى العراق، للقيام بدور الوسيط مع كافة القادة السياسيين هناك، ولتهدئة الأمور والتوصل إلى حلول على خلفية الأزمة السياسية، إدراكا براغماتيا من الجامعة لمسؤولياتها إزاء أزمة قد نخطئ الظن أنها قد تهدد العراق فقط بالتفتت والتشطير الطائفي، بل إنها تتهدد منطقة يستهدفها كثيرون بهذه الانقسامات العرقية والطائفية، كما يأتي موقف الجامعة العربية غداة تحذير أممي من مستقبل مجهول يهدد العراق، ونرى أن تداعياته ومخاطره تطال محيط العراق أيضا.

إنه من المؤسف أن ينزلق العراق إلى ماصار يجافي طبائع عصر تفيد فيه الأمم من التنوع، وتسعى إلى التلاقح والتواصل، لا إلى طائفية بغيضة تقسم عائلة واحدة إلى فسطاطين أو أكثر.

إن العراق الذي أسهمت حضاراته القديمة في رقي الحضارات الإنسانية التي تغذت على منتج وادي الرافدين الحضاري الخصب في عطائه، عليه أن يلقن مستهدفيه دروساً في بناء الجماعة الوطنية المتماسكة التي لا تفسح مجالا للبغضاء والطوأفة والانقسام لا أن يتلقى دروسا من الآخرين، كما يتعين على الحكومة العراقية ومسؤوليها أن تعقل جيدا كل خطوة قبل أن تقدم عليها حتى لا تنجر البلاد إلى ما لا تحمد عقباه، وأن تستوعب جيدا طبيعة الجغرافية السياسية والعرقية في العراق، وأن تأخذ في الاعتبار أن هناك من يسعى إلى انزلاق العراق إلى هاوية الشرذمة والتقسيم، خاصة وأن العراق خارج للتو من احتلال وأزمات عديدة أرهقت شعبه، وأدت جميعها إلى تخضيب الأرض والنهر بدماء العراقيين الباحثين عن وطن حر لا طائفية فيه ولا انقسامات ولا ديكتاتورية ولا استبداد، كما على الحكومة العراقية ألا تسير على خطى الجار في تفضيله الحل الأمني، وأن تدرك جيدا أن لجم الأزمة الراهنة يبدأ من عندها، ويتوقف على الحكمة في خطواتها لا إلى الرعونة في إجراءاتها.

Email