مأساة المسلمين المنسية في ميانمار

ت + ت - الحجم الطبيعي

 أتخمنا الإعلام الغربي في مراحل سابقة بحديثه عن مدى حب البوذيين للسلام، وإنسانية رهبانهم وزهدهم في متاع الدنيا، لكن تلك الصورة "البريئة" لهؤلاء الرهبان انهارت فجأة مع بداية أحداث العنف ضد المسلمين في ميانمار، ودور الرهبان البوذيين بشكل خاص في أعمال الشغب القاتلة التي تحدث ضد الأقلية المسلمة هناك.

فرغم سقوط ما يزيد على 180 قتيلا ومئات الجرحى من المسلمين وتشريد أكثر من 120.000 شخص من بيوتهم منذ بداية الجولة الأخيرة من أحداث العنف ضد المسلمين في ميانمار في العام الماضي، لعب الرهبان البوذيون، بتواطؤ واضح من مسؤولين وضباط كبار في الجيش هناك، دورا لم يقف عند التحريض فقط، بل إنهم قادوا عمليات القتل والتمثيل المروعة، وتفننوا في ابتداع طرق جديدة من الوحشية التي لم تشهدها الإنسانية من قبل.

ولدى سؤال أحد الصحفيين من نيويورك تايمز لمسؤول بارز في ميانمار ـ طلب عدم ذكر اسمه ـ عن سبب هذه الانتهاكات ضد السكان المسلمين في البلد، كان جوابه أن "حقوق الإنسان لا تنطبق على المسلمين".


هذه المواقف انتشرت بالتالي بين البوذيين الذين يشكلون 89% من سكان ميانمار، مقابل 4% من المسلمين، في بلد يبلغ عدد سكانه نحو 60 مليون نسمة. كما يتهم المسؤولون عن ارتكاب المجازر المسلمين بأنهم يريدون إجبارهم على اعتناق الإسلام، وأنهم يسرقون النساء البوذيات.


لقد عاش المسلمون الذين بدؤوا بالتوافد إلى بورما كتجار في القرن الثالث عشر بسلام نسبي مع البوذيين وغيرهم من سكان بورما، ولم يبدأ بناء المساجد فيها إلا في القرن التاسع عشر في عهد الملك الإصلاحي ميندون. لكن بذور الصراع الطائفي زرعها الاستعمار البريطاني فيما بعد تطبيقا لمبدأ فرق تسد، ليتكرر الصراع بين الحين والآخر منذ ذلك الوقت.


البوذيون اليوم يطبقون سياسة تطهير عرقي، ويسعون إلى تهجير المسلمين من مناطقهم والاستيلاء عليها، وهم يرتكبون أبشع الجرائم لتحقيق سياستهم. وإذا لم يضع المجتمع الدولي ـ خاصة الدول الإسلامية ـ حدا لهذه المجازر، فإن وجود المسلمين في ميانمار قد ينتهي بعد فترة وجيزة.
 

Email