العراق.. القمع والعنف المضاد

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم يكن العراق في حاجة إلى المزيد من الدماء النازفة، ولم تكن القوات العسكرية العراقية في حاجة إلى الإقدام على سابقة خطيرة عبر قتل 34 شخصا في ساحة الاعتصام المناهض لرئيس الوزراء بقضاء الحويجة، لأن ذلك سيؤدي ـ حتما – إلى المزيد من التوتر، وإلى تعزيز أسباب الانتقام، وهو ما كان ـ أمس ـ عندما شيع المئات من أهالي محافظة كركوك، قتلى هذه العملية الدموية، وسط هتافات تدعو للثأر والانتقام، من مثل: "لبيك يا عراق" و"الله أكبر" و"سننتقم لشهداء الحويجة".

الهتافات الغاضبة لم تكن ردة الفعل الوحيدة، بل إنها تحولت من القول إلى الفعل، حين شكلت هذه الحادثة الدامية شرارة أعمال عنف انتقامية في أنحاء مختلفة من البلاد، قتل فيها وأصيب العشرات بينهم عدد كبير من قوات الأمن، وتقدر المصادر عدد القتلى بـ 15 شخصا، جلهم كانوا ضحايا لهجمات انتقامية.

إن ما حدث في قضاء الحويجة مجزرة بشعة بكل المقاييس، لأن الاعتصام كان سلميا في أصله، ولم يتجاوز الاحتجاج على التمييز الذي تتعرض له الطائفة السنية في العراق، وكان يمكن تجنب المجزرة وتداعياتها بالقليل من الحكمة، لئلا تتفاقم الأوضاع وتخرج عن السيطرة، في بلد يعاني ـ في الأصل ـ من مشكلات أمنية كبيرة ومعقدة في الوقت نفسه، وتحتاج إلى سياسات متعقلة.

العراق بحاجة إلى نشر ثقافة التسامح، ونبذ التعصب بين جميع الطوائف العراقية، وذلك لأنه بلد يتشكل من طوائف متباينة، ولن يتحقق له الأمن إلا من خلال تكريس التسامح ومبادئ التعايش، وعدم التفريق بين المواطنين، والعمل على وقف الممارسات العنصرية المكشوفة، عوضا عن إشعال فتيل الفتنة.

خطورة الوضع العراقي كامنة في كون السلطة تعامل فئة من المواطنين بوصفها خصما، مما يقوي عوامل المواجهة، ويحول البلاد إلى ساحة معركة كبرى.
 

Email