خيبة أمل أخرى!

ت + ت - الحجم الطبيعي

حديث القدسالتقرير السنوي الذي أصدرته وزارة الخارجية الاميركية امس الاول حول أوضاع حقوق الانسان في العالم الذي لم يضع اسرائيل في خانة منتهكي حقوق الانسان ولكنه وجه لها انتقادات بسبب «الافراط في استخدام القوة ضد المدنيين والتنكيل بالمعتقلين الفلسطينيين خلال الاعتقال وأثناء التحقيق وهدم المنازل ومصادرة الممتلكات الفلسطينية» وإشارته الى التمييز الذي تمارسه اسرائيل ضد المواطنين الفلسطينيين داخل الخط الأخضر، هذا التقرير يبعث على الاستغراب ويثير عددا من التساؤلات، خاصة وان معدي هذا التقرير يفترض بهم انهم على دراية بالقانون الدولي خاصة العهد الدولي لحقوق الانسان وميثاق الحقوق المدنية والاقتصادية والاجتماعية، كما يفترض بهم انهم على دراية بالشرعية الدولية وقراراتها الخاصة بالقضية الفلسطينية.

فالحصار الذي تفرضه اسرائيل على قطاع غزة والقيود المشددة على حركة تنقل الفلسطينيين في الضفة الغربية وكذا البضائع يشكل انتهاكا فظا لحقوق الانسان واعلان الحقوق المدنية والاجتماعية وهو ما أكدته تقارير منظمات حقوقية دولية عدة وينطبق ذلك أيضا على سياسة الاحتلال الاسرائيلي في هدم المنازل ومصادرة الممتلكات الفلسطينية ومعاملة الاسرى والانتهاكات الفظة فيما يتعلق بالاستيطان وتهجير الفلسطينيين والتضييق عليهم في القدس عدا عن حملات الدهم والاعتقال وتقييد حرية التعبير وتشتيت الفلسطينيين ومنع لم شملهم ... الخ من الممارسات التي يعتبرها أي رجل قانون انتهاكات فظة للقانون الدولي بل ان بعضها يندرج في اطار ارتكاب جرائم حرب كالاغتيالات وقتل المدنيين والعقوبات الجماعية وعمليات الابعاد ... الخ.

ولهذا فإن ما يجب ان يقال هنا هو ان واضعي تقرير الخارجية الاميركية وان اشاروا الى بعض الانتهاكات الاسرائيلية الا انهم حاولوا اضفاء صبغة اخرى عليها غير انتهاك حقوق الانسان الفلسطيني وهو ما يتضح ايضا من تطرق التقرير للتمييز الذي تمارسه اسرائيل ضد الفلسطينيين داخل مناطق الـ ٤٨.

ولذلك نقول أن هذا التقرير يوجه ضربة أخرى للمصداقية والنزاهة التي تحاول الولايات المتحدة اظهارها في اطار دورها في عملية السلام ويعزز مواقف الفلسطينيين بان اميركا تنحاز بشكل سافر للاحتلال الاسرائيلي وانتهاكاته وتحاول التستر على كل ذلك وتجميل وجه الاحتلال القبيح في الوقت الذي تفترض فيه المصداقية والنزاهة الا تعزل اميركا نفسها مع اسرائيل في مواجهة ارادة المجتمع الدولي ومواقف غالبية دول العالم والمنظمات الحقوقية التي ترى في هذه الممارسات الاسرائيلية انتهاكا فظا للقانون الدولي ومواثيق جنيف عدا عن ان الكثير من الممارسات تعتبر جرائم حرب.

وللأسف، فان الفلسطينيين الذين ينتظرون من الولايات المتحدة وساطة نزيهة ودورا ذا مصداقية في عملية السلام أصيبوا مجددا بخيبة أمل وكأن اميركا تغمض عينيها وتصم أذنيها عن الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها اسرائيل والتي يجدر بالدولة الاولى في العالم التي ترفع شعارات الحرية وحقوق الانسان ان تدينها وتعمل على التصدي لها.

 

Email