الكيماوي لا يحتمل التسويف

ت + ت - الحجم الطبيعي

الأدلة الدامغة والموثقة التي كشفها دبلوماسيون دوليون رفيعو المستوى بالأمم المتحدة والمتعلقة باستخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا لا يجب أن تمر مرور الكرام مثلما تلكأ المجتمع الدولي بالأزمة السورية التي خلفت مآسي إنسانية لم تحدث من قبل بسبب تصرفات نظام الأسد الذي دنس الأرض وقتل الكبير والصغير وأهلك الحرث والنسل ، ومن هنا فالمطلوب ليس الحديث عن كشف هذه الأدلة وإنما إجراء صارم في مواجهة النظام الذي يعمل بكل قواه على إبادة شعبه عبر استخدام أسلحة محرمة دولياً ومن بينها الأسلحة الكيماوية تحت سمع وبصر العالم .

إن قضية الأسلحة المحرمة دولياً لا تحتمل السكوت أو التسويف، فجميع الأدلة موثقة كما أكدت فرنسا وبريطانيا، والتساؤل الذي ينبغي أن يطرح هل ننتظر إبادة المزيد على يد نظام يبطش بكل شيء ولم يعد يحتمل الأمر مزيداً من التهاون من قبل الأمم المتحدة تجاه هذه القضية، فهذا يعني منح الضوء الأخضر للنظام لاستخدام المزيد من الأسلحة المحرمة دولياً، ولذلك فإن المطلوب إجراء دولي صارم باعتبار أن استخدام النظام الأسلحة الكيماوية خط أحمر يقتضي المواجهة الحاسمة والحازمة.

إن محاولات إلصاق التهمة بالثوار بخصوص الأسلحة الكيماوية ليست في محلها، لأن استخدام الأسلحة الكيماوية يتطلب إمكانيات عالية الدقة لا تتوفر إلا لدى جيوش مدربة ووحدات متخصصة، وإن جيش الأسد يملك مثل هذه الإمكانيات، كما أنه يملك ترسانة منها، ولذلك فليس من المستبعد استخدامها في مواجهة الثوار وأن الأدلة الموثقة دولياً تؤكد ذلك، وأنه لامجال للإنكار أو التهوين من الأمر أو تسويف القضية داخل مجلس الأمن مثلما تم من قبل تسويف المأساة السورية ومنح النظام المزيد من الوقت لإبادة الشعب السوري. فما أكدته الحكومة التركية على لسان وزير خارجيتها أحمد داود أوغلي من أن نظام الأسد قد أطلق 205 صواريخ سكود ضد شعبه في مناطق حلب لهو دليل قاطع على أن النظام غير مبال وأنه قد يستخدم أي أسلحة ومن بينها السلاح الكيماوي ضد هذا الشعب لأنه يدرك أن المجتمع الدولي عاجز عن اتخاذ إجراء صارم ضده بسبب الحماية من بعض الدول الكبرى لحسابات خاصة بها .

الأسلحة الكيماوية قضية ينبغي أن تأخذ الاهتمام المناسب لها من المجتمع الدولي ومحاسبة هذاالنظام الذي يريد أن يطمس كل ما هو ضده، فليس من المعقول مساواة الضحية بالجلاد بالأزمة السورية، فالنظام خلق مأساة إنسانية للشعب السوري الذي أصبح ما بين لاجئ بالخارج ومشرد بالداخل يواجه الإبادة ، والمجتمع الدولي لايزال في مرحلة دراسة الإجراء، وحقيقة الأمر أن ما يحصل هو تسويف وإطالة عمر النظام وزيادة مأساة الشعب السوري، فليس من المعقول أن يطالب مجلس الأمن بتسهيل وصول الإغاثة لضحايا الحرب بسوريا وهو يدرك أن النظام يريد إبادة الشعب بالأسلحة المحرمة وغيرها، ويضع العراقيل التي تعترض وصول وتوزيع المساعدات الإنسانية ويدرك أيضاً أن النظام يرفض التعاون مع المنظمات الإنسانية الدولية .
 

Email