نظام الأسد ونهج مغالطة الواقع

ت + ت - الحجم الطبيعي

من جديد تثبت وقائع الأحداث، أن نظام الأسد وهو يسير في غيه ويواصل جرائمه ومجازره بحق شعب سوريا البطل، يعتبر نظاما معزولا من خلال اختياره الاستمرار في نهج مغالطة الواقع. وهذا ما يعكسه حديث الأسد لقناة تليفزيونية تابعة لنظامه، والذي حاول فيه قلب الحقائق، من تفاصيل مثيرة للاستفزاز، وتدل على تفضيل النظام للاستغراق في أوهامه الخاصة متجاهلا كل التغييرات التي تحدث في الواقع الراهن، سواء كان ذلك على المستوى السياسي أو المستوى العسكري. ونشير إلى أن اختيار النظام مبكرا، لما عرف بخيار الحل الأمني والعسكري، هو الذي دفع الشعب السوري، بمختلف فصائله، إلى حمل السلاح دفاعا عن نفسه وعن وطنه، الذي يسعى النظام عبر استخدامه لكل وسائل القوة لتدميره.

إن خطاب الأسد الذي بث الليلة قبل الماضية تليفزيونيا، لا يختلف كثيرا عن خطابات لديكتاتوريين سابقين أطاحت بهم شعوبهم في ثورات الربيع العربي على مدى السنتين الماضيتين. لقد أشار محللون حرفيا إلى أن خطاب الأسد «جاء مستفزا جدا». إذ نراه يتهم قادة المعارضة- التي لا تحتاج إلى شهادات الوطنية من نظام معزول وفاقد للشرعية ومدان في نظر العالم الحر- بالعمالة. كما يقول إن جيش نظامه هو جيش قومي يمثل كل السوريين، بينما يدري الكل أن الجيش بسوريا في ظل الحكم الطويل لنظام «حزب البعث»، لا يعبر سوى عن أيديولوجية الحزب، ولا ينفذ سوى مخططات أجهزته الأمنية المتمادية في قمعها للسوريين.

لقد جاء خطاب الأسد بعيدا عن الواقع، فالديكتاتور دوما يعيش أوهامه الخاصة ظانا أن القمع بمقدوره إطالة عمر نظام حكمه. ومن هذا المنطلق، فإننا نقول إن ما حدث في سوريا على مدى سنتين كاملتين، من انتهاكات لحقوق الإنسان فاقت حد الوصف، يدل بوضوح على أن هذا النظام لا يمثل الشعب السوري، وهو ما قد جسدته خطوات عديدة على المستويات السياسية والدبلوماسية في الفترة الأخيرة، وصلت إلى حد نزع الشرعية عن النظام، والاعتراف بالمعارضة ممثلة للشعب السوري، في تطلعه لبدء فترة سياسية انتقالية، يعبر من خلالها السوريون إلى واقع طالما ظلوا ينشدونه، متمثلا في استعادة الحريات، وبناء الدولة الديمقراطية التي تتسع للجميع.

 

Email