"تفجيرات بوسطن".. الإرهاب يعود مجددا

ت + ت - الحجم الطبيعي

مرة أخرى يضرب الإرهاب أميركا، ولكن هذه المرة اختار هدفا سهلا على خلاف ما حدث في العمليات السابقة، فالمنفذون لم يختاروا محطة للقطارات أو منشأة لإنتاج الطاقة النووية بسبب تعقيد التدابير الأمنية في مثل هذه المرافق. لقد اختار الإرهابيون "ماراثون بوسطن" الذي يؤمه عشرات الآلاف من المشجعين، لتنفيذ مخططاتهم الإجرامية، بهدف بث الرعب بين السكان وإيقاع أكبر عدد من الضحايا. يشبه هذا الحدث إلى حد كبير حادث أوكلاهوما سيتي في أبريل 1995 ، حيث استهدف مبنى فدراليا في المدينة بسيارة مفخخة، مما أوقع 168 قتيلا وأكثر من 500 جريح.

المشاهد التي أعقبت التفجيرين أعادت إلى الأذهان زلزال الـ11 من سبتمبر 2001 رغم الفارق الكبير في حجم العمليتين والأضرار الناجمة عنهما. ولكن اللافت في عملية بوسطن أن الرئيس باراك أوباما خرج للرأي العام بكلمة مقتضبة متزنة وواضحة، أكد فيها أنهم "لا يملكون كل الأجوبة حتى الآن، وأن الجهة التي قامت بهذا العمل لا تزال مجهولة"، وذلك على خلاف سلفه جورج بوش الذي خرج على العالم بعيد هجمات سبتمبر 2001 بلغة "متشنجة" قسم فيها العالم إلى فسطاطين على قاعدة "إما معنا أو ضدنا"، الأمر الذي رتب تداعيات كارثية على الكثير من البلدان.

مثل هذه اللغة العاقلة حشدت التعاطف من كافة أنحاء العالم الذي ندد بالهجوم. صحيح أن الولايات المتحدة شنت منذ هجمات 11 سبتمبر حربين في العالم في كل من أفغانستان والعراق، ونجحت في قتل زعيم القاعدة، ولكنها لم تتجنب الهجمات الإرهابية في داخل أراضيها. ومهما يكن فإن عملية بوسطن تجدد التأكيد على أن الإرهاب آفة تهدد البشرية جمعاء، وأن التصدي لها يتطلب جهدا عالميا، لأنه لا أحد بمنأى عن شرورها، كما أن تعزيز التعاون الفني والاستخباراتي وتبادل الخبرات يمثل دعامات أساسية في منظومة الجهود العالمية الرامية لمكافحة الإرهاب.
 

Email