نتائج تعكس روح الإسلام وجوهره

ت + ت - الحجم الطبيعي

بعد ثلاثة أيام على التوالي من المناقشات المستفيضة وأوراق البحث التي قدمها العلماء والبحاثة والمثقفون، اختتمت ندوة (العلماء العمانيون والأزهريون والقواسم المشتركة) أعمالها بجملة من التوصيات جديرة بالتوقف عندها، حيث تعكس هذه التوصيات النجاح الكبير الذي حالف الندوة، وهو ما يعكس بدوره الدور الكبير للقامات العلمية والفكرية والثقافية التي لازمت حراك الندوة، والتي حرصت على صب عصارة أفكارها لإثرائها بالدراسة والتحليل والأفكار البناءة، منطلقة في ذلك من القيم السامية والمبادئ النبيلة التي جاء بها الإسلام ورسخها بين أتباعه، حيث عملت العقيدة السمحة الناصعة على المؤاخاة والمساواة بينهم، وحرصت على تنقية السرائر والقلوب بين أتباع هذه العقيدة، ورفضت كل مظاهر البغض والكراهية، وأكدت على التواصل والمودة والألفة والتعاون والتلاحم ونبذ الفرقة والخلاف.

لقد كانت الندوة مشهدًا أخويًّا وتربويًّا وإسلاميًّا لورثة الأنبياء الذين التقوا تحت قبتها في رحاب جامعة السلطان قابوس يجمعهم هدف واحد ودين واحد وعقيدة واحدة، معطين بهذا التواصل الفكري والعلمي صورة حضارية، وهي الصورة الحقة للإسلام الذي يدعو إلى الانفتاح والتلاقي انطلاقًا من رسالته الصالحة لكل زمان ومكان، والخاتمة لجميع الأديان. وما من شك أن الذي أعطى هذا اللقاء الديني والأخوي حضوره اللافت وصورته الحضارية هو جامع الأزهر بعلمائه ومشايخه الكرام، والذي لعب دورًا كبيرًا على مر تاريخ الإسلام، فالأزهر كان ولا يزال منارة للعلم، ورمزًا للتسامح والتقارب الديني باستيعابه كافة المذاهب الإسلامية ونبذه للتعصب ورفضه لإقصاء الآخر، وما ندوة "العلماء العمانيون والأزهريون القواسم المشتركة" إلا إحدى الدلالات على ذلك، حيث كان لافتًا الحرص الكبير على تمتين الأواصر والمحبة والتواصل الفكري والعلمي من خلال التوصية بإنشاء كرسي السلطان قابوس للدراسات العلمية بالأزهر الشريف أسوة بالكراسي التي تنتشر في دول مختلفة، والتأكيد على اعتبار المذاهب الإسلامية تشكل الأمة الإسلامية الواحدة.

وتوثيق الوجود الإباضي من قبل الأزهر الشريف من حيث المخطوطات والعلماء والمؤلفات الموجودة لديهم، وقيام مشيخة الأزهر بتوجيه القائمين على سائر القنوات المصرية ذات الخطاب الإسلامي المعتدل على مشاركة علماء عُمان في الأحاديث والندوات والمحاضرات التي تبثها خدمة لقضايا الدين الإسلامي في عصر يموج بمختلف التيارات الفكرية، وتبادل زيارات أعضاء هيئة التدريس في العلوم الإسلامية بين جامعة السلطان قابوس وجامعة الأزهر والقيام ببحوث علمية مشتركة، وضرورة إنشاء كلية للشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة السلطان قابوس نظرًا لأهمية هذا التخصص في الفقه وفي أصول الدين، وإنشاء وحدة للدراسات العمانية في جامعة الأزهر، وتدريس المذهب الأباضي ضمن مناهج الأزهر الشريف وغيرها من التوصيات التي تعبر عن الوجه الجميل للإسلام ورسالته الخالدة، وتعد رسالة جليلة للأمم الأخرى في تسامحه، وأن الاختلاف في الفتوى لا يزيد هذا الدين إلا متانةً وتقاربًا وثراءً، كما أن هذا الاختلاف رحمة بالناس.


على الجانب الآخر، فإن على الفضائيات ووسائل الإعلام المختلفة والجامعات والكليات والمعاهد الإسلامية أن تكون مكملة لجهود العلماء في التقارب والتواصل وتبيان فضل التسامح الديني، من خلال عرض القضايا الخلافية على سبيل المقارنات لا على سبيل التحريض والتشويه وبث مظاهر الكراهية والفرقة، فضلًا عن تحري الموضوعية والدقة والأمانة العلمية عند النقل، مع الأخذ في الاعتبار أن الاختلاف بين العلماء له أسسه وأسبابه التي أقرها الشرع الحنيف.


إن التكامل والتنسيق بين العلماء لا ريب أنه يقوي رسالة الإسلام ويسمح بتوحيد الفتوى في فروع كثيرة ما يوحد الأمة ويحصنها من سيل الفتاوى المضللة والمشبوهة والمفتنة التي أساءت للإسلام وشوهت صورته، وأعطت صورة مغايرة، سواء لأعداء الإسلام أو الراغبين في معرفة حقيقة الإسلام. كما أن توعية المسلمين بالقوانين والأحكام الشرعية المستجدة على ضوء القضايا المستجدة، أمر مطلوب حتى يكونوا على بصيرة من أمرهم، وهناك وسائل وطرق كثيرة لنشر هذه التوعية.
 

Email