العراق.. تغيير السياسات أو مزيد من العنف

ت + ت - الحجم الطبيعي

تعود العراق إلى مسلسل العنف والدماء قبل أيام من انتخابات مجالس المحافظات، التي ستجرى السبت المقبل، لتشهد أمس يوما داميا إثر مقتل وإصابة المئات بسلسلة هجمات استهدفت مناطق متفرقة من البلاد. تلك التفجيرات المنسقة التي نُفذت عشرون منها بسيارات مفخخة، وثلاث بعبوات ناسفة، كان نصيب بغداد منها ست سيارات مفخخة إحداها في محيط المطار الدولي.

لم تعلن أي جماعة عن مسؤوليتها عن التفجيرات، إلا أن أصابع الاتهام تشير إلى تنظيم دولة العراق الإسلامية، الفرع العراقي لتنظيم القاعدة، الذي أعلن قبل أيام اندماجه مع "جبهة النصرة" السورية في كيان واحد هو "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، وبعد أيام أيضا من إعلان زعيم جبهة النصرة "أبو محمد الجولاني" مبايعة الجبهة لزعيم القاعدة أيمن الظواهري.

تفجيرات العراق مؤشر خطير على تنامي قوة المعارضة المسلحة ضد نظام نوري المالكي، الذي يعاني منذ أشهر من تصاعد وتيرة الاحتجاجات والاعتصامات في الكثير من المحافظات ذات الأغلبية السنية خاصة في الشمال.

إن فشل المالكي في إدارة شؤون البلاد، وانشغاله بتصفية الحسابات مع خصومه السياسيين، دفع أوساط برلمانية وسياسية لمطالبة مجلس النواب بتفعيل طلب استدعائه أمام البرلمان؛ للوقوف على أسباب تراجع الأوضاع الأمنية على الرغم من الإجراءات المشددة، وذلك بعدما رفض في وقت سابق المثول أمام البرلمان بمزاعم كشف ملفات خطيرة ضد شركائه السياسيين، الذين اتهمهم بأنهم مرتبطون بجماعات مسلحة.

ادعاءات المالكي وسياساته ستفجر المزيد من الانقسام السياسي والطائفي، وستزيد من قوة معارضيه في ظل ارتهان القرار العراقي للإرادة الإيرانية وانصياعه لتنفيذ رغبات "قم" دون النظر لمصالح وطنه ومواطنيه.

استقرار العراق ووحدته مرهون بتغيير جذري في أولويات الأجندة العراقية، وعلى رأسها المصالحة الوطنية بين أطياف النسيج السياسي كافة، وإلغاء سياسة اجتثاث معارضيه بمزاعم وهمية لتكريس قبضته وسيطرته على شؤون البلاد.

انتخابات مجالس المحافظات السبت المقبل اختبار جدي لمنظومة التحالفات العراقية في الانتخابات البرلمانية المقبلة، وخطوة مبكرة نحو إعادة التوازن للاختلالات بين الكتل السياسية.

مستقبل العراق أمام محكات بالغة الأهمية، ولن يخرج من هذه الأزمات إلا بتحالف القوى المخلصة والمؤمنة بدور عراقي في المنطقة يستلزم أولا التخلص من هيمنة الجوار.
 

Email