نهج تربوي .. وليس ترفا فكريًّ

ت + ت - الحجم الطبيعي

كانت وما زالت النظرة العمانية إلى البيئة والمحافظة على نظافتها وسلامتها من أي مهددات تضر بها، نظرة شاملة تنبع من البصيرة النافذة والوجدان الواسع لقائد مسيرة النهضة المباركة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ الذي أعطى البيئة مكانتها التي تستحقها، وأولاها عنايته الكبيرة لعلاقتها المتلازمة بالإنسان الذي لا يستطيع العيش بدونها، ولما كانت هي الحضن الدافئ للإنسان، كان الاهتمام بهما كبيرًا جدًّا من مقام جلالته ـ أيده الله ـ، فكما جعل من الإنسان العماني هدفًا للنهضة المباركة، جعل من سلامة بيئته ومحيطه الحيوي وسيلة لبلورة أهداف النهضة وتحقيق رسالتها.

ويتجلى الحرص المبكر على حماية البيئة في تلك المزاوجة في الرؤية التنموية التي دارت بخلد جلالة السلطان المعظم، وهي مزاوجة بين اعتبارين لا انفصام بينهما وهما الاعتبار البيئي جنبًا إلى جنب مع اعتبارات التنمية، وكان ذلك الفكر قد أخذ في التحول من حيز الرؤية إلى حيز التطبيق العملي في أرض الواقع ليصبح أمام الرأي تجربة عملية مساحتها في عمر ثلاثة وأربعين عامًا من الاندماج القوي بين مفردات التنمية ومفردات البيئة.

إن تكريس مفهوم الحفاظ على البيئة أخذ طرقه ووسائله ومناهجه، حيث تشترك أكثر من جهة ومؤسسة حكومية في المحافظة على البيئة وغرس مفاهيمها وأهمية سلامتها، ومن بين هذه المؤسسات وزارة البيئة والشؤون المناخية ووزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه ووزارة التربية والتعليم وغيرها من المؤسسات المكملة لهذا الدور، فغدا الواقع على بساط الأرض العمانية تحديدًا ليس مجرد شعارات وكلام ومقالات، ولو قارنا بين حجم التضحيات التي تقدمها السلطنة ممثلة في حكومتها ومواطنيها مع تضحيات الدول الكبرى على سبيل المثال، لوجدنا أن التضحية من أجل سلامة البيئة هي عمانية مئة بالمئة، والريادة في ذلك هي عمانية مئة بالمئة، فإلى جانب كم التوجيهات السامية والمراسيم السلطانية التي تستهدف صون البيئة والحياة الفطرية، هناك المسابقات التوعوية والبيئية وجوائزها عبارة عن كؤوس تتشرف بحمل اسم جلالة السلطان المعظم امتنانًا لجهوده الكبيرة في هذا الشأن، ولإضفاء المزيد من الجدية والاهتمام من قبل الجميع بالمحافظة على البيئة.

وتأتي مسابقة المحافظة على النظافة والصحة في البيئة المدرسية عنوانًا بارزًا لحجم الجهود المبذولة في سبيل تكريس مفهوم البيئة وما تعنيه سلامتها وصونها من أي أضرار، والحرص على تعزيز هذا المفهوم لدى الأجيال وهم على مقاعد الدراسة، حيث تعد المسابقة نهجًا تربويًّا بتركيزها على الجانب السلوكي والوجداني والعلمي للطالب، من خلال جملة الأهداف التي جاءت المسابقة لغرسها في الطلاب، سواء من حيث تدريبهم على الاعتماد على النفس والاهتمام بنظافة بيئتهم المدرسية ما تمثله من دور كبير في تشجيع عملية التعلم والدافعية إليه، وتربيتهم على المشاركة والمهارات القيادية وتمتين العلاقة بين المدرسة والمجتمع وغيرها من الأهداف، فالطالب في مدرسته إذا كان محافظًا على بيئته المدرسية وتربى على الصفات الحميدة وصقلت مهاراته، فإن ذلك بلا شك سوف ينعكس على مجتمعه، حيث سيكون هذا سلوكًا ملازمًا له، ويغدو حينئذ رجلًا صالحًا فاعلًا في وطنه فهذه المسابقة اذن ليست ترفا فكريا وانما هي عملية تربوية بالدرجة الأولى.

وتكتسب المسابقة زخمها من قوة المنافسة بين المديريات التعليمية بالمحافظات، وزيادة الاهتمام من قبل الطلاب في الممارسة السلوكية الحسنة وتحقيق أهداف المسابقة، وقد بدأت هذه المديريات استعداداتها مبكرًا لإنجاح المسابقة هذا العام، حيث تقوم هذه الأيام اللجنة الرئيسية للمتابعة والتقييم للمسابقة بزياراتها لتقييم المدارس التعليمية، آخذة في الاعتبار عند التقييم أهداف المسابقة ومضامينها في مجال النظافة والصحة والرعاية الطلابية، وفي مجال السلامة في البيئة المدرسية، وفي مجال التربية للمواطنة وأهمية الحفاظ على البيئة.

 

Email