التفاعل والتسامح ضرورة للعلاقات مع العالم

ت + ت - الحجم الطبيعي

في ختام أربعة أيام من المناقشات والحوارات الجادة واستعراض العديد من اوراق العمل ووجهات النظر، وبمشاركة نخبة مجيدة من العلماء والمفكرين والمتخصصين، خرجت ندوة تطور العلوم الفقهية الثانية عشرة، التي عقدت تحت عنوان «فقه رؤية العالم والعيش فيه - المذاهب الفقهية والتجارب المعاصرة» بمجموعة من التوصيات شديدة الاهمية بالنسبة لمختلف الدول والشعوب الاسلامية، ولعلاقاتها ايضا مع الدول والشعوب الاخرى من حولها، ويزيد من اهمية هذه التوصيات، والحاجة الى العمل بها ، ما يمكن تسميته بالمأزق الحضاري العالمي الراهن، والذي تعبر عنه حالات التباعد والتوجس وانتشار حالات عدم الفهم الصحيح، ان لم يكن التشويه المتعمد، لهذا الطرف الحضاري او الديني او ذاك، خاصة بين الغرب والعالم الاسلامي.

ولعل من ابرز ما يميز توصيات الندوة انها اشارت، وعلى نحو واضح الى حقيقة ان الاسلام يطالب بالتعايش المتوازن والتسامح المتكافئ بلا افراط ولا تفريط، مع الدعوة الى التزام القيم الاخلاقية المتبادلة، كما اكدت ان معالجة التأزم الراهن بالافكار والوسائل الملائمة والمتفهمة، هي السبيل الاوحد للخروج من المأزق الحضاري العالمي، وطالبت بإعادة النظر في فهم النصوص التي تنظم العلاقة بين المسلمين وغيرهم، وفهمها فهما يتسق مع المقاصد الكلية لدعوة الاسلام، وهو ما يضع على عاتق الفقهاء في هذا العصر مسؤولية مراجعة الكثير من التصورات، والافكار التي بنيت على اساسها مجموعة من الاجتهادات التي لم يعد لها وجود فعلي في الواقع، او تجاوزتها تطورات الحياة في جوانبها المختلفة. ومن المؤكد ان القيام بأعباء هذه المهمة الكبيرة يحتاج الى الكثير من الجهد والعمل المرتكز الى اسس علمية وإلى فهم عميق لمقاصد الاسلام ولطبيعة الحياة ولأهمية وضرورات بناء علاقات طيبة وصحيحة وتقوم على المنافع المتبادلة مع الدول والشعوب والحضارات الاخرى والتعاون لبناء حياة افضل ولتطوير الحياة لصالح الجميع، مسلمين وغير مسلمين. بعيدا عن أي صور او ممارسات متطرفة لا تتفق مع روح الاسلام الحنيف ومقاصده الحميدة. ويحتاج ذلك بالضرورة الى تعاون وتضافر جهود العديد من الجهات، داخل كل دولة من الدول الاسلامية، وعلى المستوى الاسلامي الجماعي الواسع ايضا.

وبينما تشكل الندوة اضافة طيبة لجهود السلطنة في العمل على التعريف بالتراث العماني، وبذل كل ما يمكنها من جهد لتحقيق تفاعل عميق وصحيح ومفيد ايضا مع الحضارات والشعوب الاخرى، وتهيئة سبل التقارب والفهم الصحيح والمتبادل مع الآخر، فان انطلاق سفينة البحرية السلطانية العمانية «شباب عمان» في رحلتها الدولية الثانية عشرة الى القارة الاوروبية، حيث ستزور العديد من الموانئ الاوروبية، وتشارك في مسابقات السفن الشراعية، وتتيح، من خلال ذلك كله، للشعوب الاخرى التي تتوقف في موانئها، اطلالة على التراث والتقاليد العمانية بكل جوانبها، وهو ما يقوم به الشباب العماني المشارك في الرحلة . وقد اثبتت رحلات السفينة «شباب عمان» أهميتها وفائدتها في هذا المجال، سواء بالنسبة للشباب المشاركين فيها، او بالنسبة للدول والشعوب التى زارتها، وهو ما يخدم في النهاية هدف بناء علاقات افضل مع الآخر، تنفيذا لتوجيهات جلالة السلطان المعظم – حفظه الله ورعاه – في هذا المجال.


 

Email