التهديد بـ"النووي" مرحلة جديدة في السياسة الدولية

ت + ت - الحجم الطبيعي

أصبح كيم جونج أون، زعيم كوريا الشمالية محل اهتمام وسائل الإعلام العالمية مؤخرا، بعد تهديده كلا من الولايات المتحدة، وكوريا الجنوبية بضربة نووية، ونصحه للأجانب في الجارة الجنوبية بالرحيل في حال نشوب حرب. ربما هذه هي المرة الأولى التي تهدد فيها دولة ما بحرب نووية علنا، وبشكل مكثف. ولعل العالم يتساءل عن جدية هذه التهديدات الانتحارية.. خاصة أنها توجه ضد الولايات المتحدة، الدولة التي تمتلك أكبر وأحدث ترسانة من الأسلحة المحرمة دوليا؟ هل يعقل أن كوريا الشمالية ستستدرج القوى العظمى لحرب كونية بعد هذه التصريحات المستفزة؟ ولماذا؟.

لعل هذه الحملة الإعلامية من كوريا الشمالية، ترتبط بشخصية الرئيس الشاب، الذي لم يتجاوز عمره الثلاثة عقود. كوريا الشمالية تعيش على إرث شيوعي انتهت صلاحيته تماما منذ سقوط جدار برلين، ولكن حسابات دولية معقدة جعلت هذه الجزيرة بمعزل عن التغيرات العالمية، التي أعقبت سقوط الاتحاد السوفيتي، جعلتها بمعزل حتى عن تلك التغيرات التي طرأت على الكتلة الشرقية، كما حدث في الصين التي استطاعت أن تنسحب تدريجيا من مبادئ الإرث الشيوعي القديم إلى مبادىء القومية الصينية الوطنية، واستطاعت التكيف مع بيئة السوق المفتوحة. كل هذا يحدث بينما نظام كوريا الشمالية في عهد والد الرئيس الحالي يغذي الشعب بأيديولوجية "الاعتماد على الذات" المرصعة بعنصرية عرقية تدعي تفوق وتميز الكوري الشمالي أخلاقيا.

إن بقاء كوريا الشمالية في هذا الفضاء الشمولي الشيوعي يخدم الصين تحديدا، ولعل هذا الفضاء يكون سياجا يحول دون أطماع الولايات المتحدة وحليفتها كوريا الجنوبية في شرق القارة الآسيوية، ومن هنا ربما أدرك الكوريون الشماليون الأخطار الاقتصادية، والانهيار الوشيك لأجندة النظام الشمولي، ولعل هذه التهديدات تمثل رسائل جادة لإنهاء أزمة الكوريتين، بما يحفظ للرئيس الشاب ورفاقه شيئا من الكرامة أمام شعبهم وأيديولوجيتهم الممانعة.

ولكن بان كي مون، أبدى قلقه بالأمس من أن حادثة صغيرة يمكن أن تؤدي إلى وضع "يخرج عن السيطرة" في شبه الجزيرة الكورية، وهو ما يعني أن التلويح باستخدام النووي ـ وإن كان لأغراض سياسية وإعلامية صرفة ـ يشكل مرحلة جديدة وخطيرة على مستوى السياسة الدولية.
 

Email