الأمة العربية والإرهاب الممنهج ضدها

ت + ت - الحجم الطبيعي

حين يراد لإرهاب الدولة الذي يمارسه كيان الاحتلال الصهيوني بحق هذه الأمة أن يكون كما لو أنه قدر من أقدارها، فإنه لا غرو أن تتوالى عليها النكبات والمآسي والآلام، ليتحول تاريخها إلى ذكريات تخلد هذا الإرهاب المتعاظم وما أحدثه غائرًا في جسد هذه الأمة، لدرجة باتت تحيي في اليوم الواحد أكثر من ذكرى أليمة أصيبت بها.

وما أن أجبرت هذه الأمة على كيان الإرهاب الصهيوني ليكون في خاصرتها ثم ارتضته من بعد، حتى وجدت نفسها أنها تكتب تاريخًا جديدًا مداده أحمر قاني، تاريخًا طويلًا ممتدًّا وسيمتد من الإرهاب تسكب حممه في كل زاوية من زوايا الأوطان العربية وفي كل جهة من جهاتها، لا ليطول البشر وحدهم بل ليطول الحضارة والمجد، ويترصد كل حجر موغل في التاريخ.

وإذا كان الشعب الفلسطيني قد أحيا أمس التاسع من أبريل الذكرى الخامسة لمجزرة دير ياسين التي راح ضحيتها عدد كبير من أهالي القرية عقب الهجوم الإرهابي المنظم والممنهج الذي نفذته الجماعتان الصهيونيتان الإرهابيتان "أرغون" و"شتيرن" في أبريل عام 1984م وذهب ضحيته ما بين 250 شهيدًا إلى 360 شهيدًا ـ حسب المصادر الفلسطينية، فإن الشعب السوري كان على موعد جديد يوم أمس الأول الاثنين من الإرهاب الضارب أطنابه في سوريا العروبة التي يكويها به عملاء ووكلاء الإرهاب الصهيوني المنظم، حيث لقي أكثر من ثمانين سوريًّا بين قتيل وجريح بينهم أطفال في تفجير انتحاري إرهابي، محدثًا دمارًا هائلًا في المباني، وكأنه لزامًا على كل شعب عربي أن يعيد كتابة تاريخه بالدماء والخراب والمآسي، وبأمر جبري من قادة الإرهاب المنظم وداعميهم، بل إن المطلوب من الشعوب العربية وخاصة الشعب الفلسطيني والعراقي والسوري أن يكون وقودًا لآلات المصالح الغربية والصهيونية، وعلى وقع الدماء المسفوكة وتغول الإرهاب تتم دغدغة العواطف بأسطوانة المفاوضات المشروخة المعبأة بوعود خاوية استعدادًا لجولة جديدة للدخول في متاهات المفاوضات العبثية، يبدو منها أن حالة الجمود غير محببة، وذلك لدرء الملل والسأم اللذين بدآ يعتملان في أنفس مديري الصراع العربي ـ الصهيوني، والتظاهر بأن هناك جدية لدى "الراعي" الأميركي لحل الصراع وفق رؤية حل الدولتين، ومقتضى الحال واستفادة من التجارب السابقة أن الحديث عن مفاوضات أو مجرد محاولة جمع الطرفين على طاولة واحدة لا عنوان له يفضي إلى السلام الناجز والعادل، وإنما للاستهلاك الإعلامي ولتمرير مشاريع استعمارية.
إن أشكال التحايل على استحقاقات عملية السلام لن تتوقف، خاصة في ظل حالة التردي والخذلان والعمالة التي تعيشها المنطقة والتي تعد مناخات مواتية لوحش الإرهاب الصهيوني لأن يتضخم ويتعاظم ويواصل حصد المزيد من ضحاياه في كل ربوع المنطقة دون استثناء.

Email