توجيهات .. لتأمين سياج الأمن للمواطن وتعزيز دوره

ت + ت - الحجم الطبيعي

اذا كانت عملية التنمية في بلادنا تسير على قدم وساق وفق الخطط الموضوعة لها في إطار مسيرة النهضة المباركة التي يرعى مسيرتها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ بحرص وتفانٍ، فإن العنوان الأبرز لهذه التنمية هو الإنسان العماني الذي غدت تنميته وغدا الاهتمام به ـ عناية ورعاية وتعليمًا وتدريبًا وتأهيلًا ـ حقائق ثابتة في تاريخ الدولة العمانية الحديثة، وغرة ناصعة البياض على جبين النهضة المباركة، حيث تؤكد الشواهد الموضوعية على الأرض هذه التنمية الشاملة والحرص الكبير على توفير مظلة اجتماعية متكاملة للإنسان العماني من تعليم ورعاية صحية ومسكن وفرص عمل. ولما كان المسكن إحدى الحاجات الأساسية للإنسان أينما وجد، لكون أن المسكن هو رمز للشعور بالأمان والطمأنينة والقدرة على تكوين أسرة ينشأ فيها الجيل الجديد نشأة سليمة تؤدي دورها الطبيعي في متوالية الأجيال، كان ولا يزال هذا الجانب يحظى باهتمام كبير ومتنامٍ، ومواكبًا لما تشهده السلطنة من نمو وارتفاع في معدلات المواليد والمخرجات، والقوى العاملة الوطنية سواء في القطاع العام أو القطاع الخاص، ما يؤدي بدوره إلى توسع سكاني وعمراني يتطلب توفير الاحتياجات اللازمة لاحتضان هذه الزيادة وهذا التوسع.

لقد كانت هذه الحقيقة ماثلة لدى جلالة عاهل البلاد المفدى ـ أبقاه الله ـ منذ بواكير النهضة المباركة، إيمانًا بأن الإنسان العماني هو وسيلة النهضة وغايتها في آن واحد، حيث استدعى ذلك الإيمان أن يحاط المواطن بسياج من الحماية والأمان الاقتصادي والاجتماعي والصحي والتعليمي، لكن ذلك كله يبدأ بالسكن والسكينة في منزل صحي حديث يأخذ بأسباب التطور التكنولوجي المعاصر. وتعد المساعدات الإسكانية والقروض الإسكانية الميسرة بابًا مفتوحًا لكل مواطن بهدف مساعدته على الاستقرار الاجتماعي والنفسي والمعيشي، ليؤدي واجبه الوطني على أكمل وجه، كما أنه حق من حقوقه. وتعتبر الزيادة في المخصصات المالية للقروض الإسكانية الميسرة في كل مرحلة تأكيدًا لما قلناه آنفًا عن حرص جلالته ـ أيده الله ـ وحكومته على مواكبة النشاط السكاني والعمراني، حيث جاءت التوجيهات السامية أمس الأول بتعزيز رصيد برنامج القروض السكنية الميسرة ليصبح مئة مليون ريال عماني موزعة على هذا العام والعامين القادمين، بهدف مساعدة كل راغب في الاستقرار من ناحية، ومن ناحية أخرى لتسريع الأدوار وذلك لكثرة الطلبات الإسكانية. والجدير بالذكر أن المبالغ المخصصة للقروض الإسكانية الميسرة لدى بنك الإسكان العماني شهدت ارتفاعًا في كل مرحلة، فبعد أن كانت أربعين مليون ريال عماني ارتفعت إلى ثمانين مليون ريال عماني، لتأتي التوجيهات بتعزيزها إلى مئة مليون ريال عماني للأعوام (2013 و2014 و2015م)، فضلًا عن الإعفاءات.

ولم تقف مسيرة النهضة المباركة عند تحسين الأوضاع المعيشية للمواطن، وإنما تعدت ذلك إلى إشراكه في عملية التنمية وفي الممارسة الديمقراطية، وقد حرص جلالة السلطان المعظم على تعزيز هذا الجانب من خلال إقامة المؤسسات الديمقراطية التي يأتي في مقدمتها مجلس الشورى واختيار أعضائه ورئيسه عبر الانتخاب المباشر، وهي تجربة أثبتت نجاحها وفاعليتها. واستفادةً من هذه التجربة على طريق مواصلة العمل المؤسسي الديمقراطي جاءت التوجيهات السامية لجلالته ـ أعزه الله ـ بأن يكون اختيار رئيس وجميع أعضاء مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة عُمان بالانتخاب.

وما من شك أن هذه العملية هي تجربة جديدة في تاريخ عمل الغرفة، وستعمل على بث روح التنافسية التي يتطلع إليها الجميع لما لها من انعكاسات إيجابية في المستقبل على صعيد تطوير أداء الغرفة وبما يلبي احتياجات ومتطلبات عملية التنمية الشاملة في إطار الشراكة بين القطاعين العام والخاص، خاصة وأن الغرفة تقع على عاتقها مسؤوليات نحو تنشيط الجانب الاقتصادي ورعاية السوق بما يحقق مصلحة الجميع على قاعدة لا ضرر ولا ضرار، وتحسين أدائها لا سيما في ما يخص فرص العمل للقوى العاملة الوطنية في القطاع الخاص، وتعزيز مساهمات فروعها في المحافظات ودعم جهود التنمية.

 

Email