إنجازات نفتخر بها

ت + ت - الحجم الطبيعي

إن تطور الخدمات الصحية والتقدم الطبي والاكتشافات الطبية الحديثة في بلد ما لم يكن نتاج مصادفات، بل نتيجة تراكم جهود نحو بناء بنية تحتية تسعى إلى إحداث تغيير بنيوي حقيقي باتجاه إعداد استراتيجية صحية، تتضافر فيها جهود الحكومة ومواطنيها الذين يمثلون الطاقات والكفاءات القادرة على بلورة الأفكار إلى واقع.


ومنذ بزوغ فجر النهضة المباركة حرصت السلطنة على ترجمة الرؤى والتوجيهات لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ الذي أكد على حتمية اختيار تخصصات دراسية تنفع البشر وتسهم في اكتساب الخبرات والمهارات بما يمكِّن هذه الأجيال والأجيال القادمة من خدمة الوطن، حيث العلم النافع هو المنطلق الصحيح لكسب المعارف، وليس أنفع من علم يداوي آلام الإنسان ويخفف من عناء المرضى. ولما كان اهتمام جلالة السلطان المعظم بالإنسان العماني بداية، كانت الرعاية الصحية إحدى أهم أولويات النهضة المباركة، ومن ثم أقيمت الجامعات والمستشفيات على اختلاف تخصصاتها وتجهيزاتها. وقد حرصت السلطنة كغيرها من دول العالم على أن تكون مؤسسات الرعاية الصحية الأولية هي نقطة الالتقاء الأولى للسكان مع الخدمات الصحية، والمدخل الرئيسي للرعاية الصحية بكافة مستوياتها وتخصصاتها. ولقد تمخض عن ذلك الالتزام، هذه النقلة النوعية التي تشهدها السلطنة خلال هذا العهد الزاهر في مجال تقديم الخدمات الصحية.


وانطلاقًا من هذا الاهتمام المتواصل من لدن جلالته ـ أيده الله ـ الذي لا يعرف الكلل أو الملل كانت الثمار والنتائج مبهرة تبعث على مشاعر الفخر والاعتزاز، حيث بتنا نشاهد تنافسًا علميًّا كبيرًا بين الكفاءات العلمية العمانية في المؤسسات والمستشفيات الصحية، وإذا كنا رأينا بالأمس إنجازًا علميًّا حققه أحد المستشفيات المرجعية، طالعنا اليوم مستشفى مرجعي آخر بإنجاز طبي وعلمي جديد، في متوالية علمية طبية تثلج الصدور، تجعلنا حين نتعرض إلى هذا المجال نسوق الإنجازات الطبية العلمية على سبيل المثال لا الحصر، وذلك لتعددها ولتواليه.

فكم هو مفرح ومبهر ذلك الإنجاز الطبي لمستشفى جامعة السلطان قابوس حيث تمكن فريق طبي من القيام بنجاح بأربع عمليات زرع واستبدال الصمام الأبهري عن طريق فتحة صغيرة في الفخذ (القسطرة) وعن طريق الشريان الأبهري، وليس من الأمام مثلما هو حال العمليات التقليدية، لتفتح بذلك باب الأمل للكثير من المرضى الذين يعانون من ضيق الصمام، وكان الأمل في شفائهم ضئيلًا جدًّا بسبب عدم تحملهم لعمليات جراحة القلب المفتوح. وإذا كان نجاح هذه العملية يبعث فينا مشاعر الفخر والاعتزاز، فإن ما يزيدنا فخرًا واعتزازًا هو أن الذي قام بالعملية فريق طبي عماني، حيث إن هذا النوع من العمليات لا يحتاج إلى أجهزة بقدر ما يحتاج إلى خبرة كافية. ومن قبل سجل مستشفى جامعة السلطان قابوس إنجازات طبية كثيرة مثل إجراء عملية جراحية لنقل كليتين من شخص متوفى دماغيًّا إلى شخصين يعانيان من فشل كلوي، وقام بها فريق طبي وطني وأجنبي، واستحداث مثانة جديدة من الأمعاء لتحل محل مثانة مصابة بورم سرطاني في نفس الجسم.


كما كان للمستشفى السلطاني حضوره حين نجح مؤخرًا فريق من أمراض النساء والولادة بالمستشفى في نقل الدم لجنين في الشهر السادس من الحمل في عملية هي الأولى من نوعها بالسلطنة والتي لم تستغرق سوى 20 دقيقة فقط.
إنها ثمار الوفاء بالوعد والإخلاص في العمل، والدقة في التخطيط لبلادنا برؤية مستقبلية واضحة، وسلم أولويات يأخذ بالأهم فالمهم، وليس هناك أهم من صحة الإنسان، فما أجمل أن يخرج مريض من المستشفى مبتسمًا بعد أن دخله متألمًا.
إنها نجاحات وإنجازات طبية متواصلة نحو مستقبل صحي أفضل، تحسب للنهضة المباركة التي أعطت الإنسان العماني القدر الذي يستحقه وأولته كل الرعاية والعناية وجعلت بناءه هدفًا لها، فلَكِ الفخر يا عُمان بهذه الإنجازات وبأبنائك الذين صنعوها.
 

Email