للسودانيين بمنعرج الحوار

ت + ت - الحجم الطبيعي

 لعله أصبح الآن ضروريا جدا للسودانيين - حاكمين ومحكومين- أن يجنحوا للحوار بقلوب صافية، وعزم أكيد لحلحلة كافة القضايا -المتداخلة والمتشابكة- والتي ظلت لوقت طويل تهدد أمن واستقرار ذلك البلد.. بل أصبحت تهدد ما تبقى من وحدة أراضيه، ومن نسيجه الاجتماعي المتنوع.

 لقد أثبتت الحرب بين الشمال والجنوب، والتي ظلت لربع قرن تسيّل الدم وتأكل من موارد السودان، وتدور بصورة عبثية: لا غالب ولا مغلوب، أن الرصاص لا يمكن أن يقيم سلاما على الإطلاق، وأن الحوار - الحوار وحده- هو الذي يمكن أن يطفئ النيران، ويحفظ الأوطان.

 وهذا ما كشفت عنه بوضوح تام طاولة الحوار بين الشمال والجنوب، في نيفاشا، الضاحية الكينية الجميلة التي ارتبط اسمها بوضع حد لأطول حرب أهلية في إفريقيا.

 السودان المثخن بالجراح، والمنهك بالأزمات، هو الآن في منعطف تاريخي أقل ما يقال عنه إنه منعطف خطير، ولا يمكن للسودانيين أن يُخرجوا وطنهم سالما من أي أذى،إلا إذا ما احتكموا للعقل، وتحلّوا بأكبر قدر من مخافة الله في وطنهم، وأقبلوا.. بعضهم على بعض، وهم يلعنون شياطين الاختلاف المميت، وكل أباليس الكراهية والبغضاء.

 لتكن -إذن- في الدعوة التي أطلقها الرئيس البشير للحوار - والتي لم تستثن حتى الحركات المقاتلة - فرصة للتلاقي الحكيم، الذي ترتفع فيه مصلحة الوطن العليا فوق أي مصلحة حزبية أو عرقية أو مصلحة فردية ضيقة ومذمومة.

 ماهو مطلوب من الحاكمين أن يمضوا في دعوة الحوار، بجدية وشجاعة، وصدق تام.. وماهو مطلوب من الحاكمين لمطلوب أيضا - وبذات الدرجة- من المعارضين بمختلف كياناتهم.

 دعوة الرئيس البشير - التي عزز مصداقيتها قراره بالإفراج عن كل المعتقلين السياسيين- تكتسب أهميتها والسودان مقبل على كتابة دستور جديد.. دستور سيظل دستورا من ورق، في غياب مشاركة كل ألوان الطيف السياسي في كتابته، وفي حراسته معا.

 

Email