جرائم الاحتلال مشروعة

ت + ت - الحجم الطبيعي

 وتتوالى جرائم كيان الاحتلال الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني دون تمييز بين طفل وشاب ومسن وامرأة، وبين صحيح وسقيم، وبين أسير قابع وسط جدران إسمنتية وقضبان حديد، وبين سجين وسط المستوطنات التي تلتهم الأرض الفلسطينية واعتداءات قطعان المستوطنين، وبين فوهات المدافع والرشاشات وأزيز الطائرات الحربية، وبين كلاب الاحتلال المسعورة التي غدت تتقن أفعال خدامها ومربيها ومدربيها، ودون اعتبار لكل المبادئ والقيم الإنسانية، مع قاسم مشترك بين جميع أولئك الأسرى والسجناء ألا وهو مصادرة كافة الحقوق التي كفلتها لهم الشرائع والقوانين الدولية، في الحرية والإنسانية واستعادة ما اغتصب من أرض وهوية.


إن توالي جرائم الحرب والانتهاكات ضد الإنسانية التي يرتكبها المحتلون الصهاينة ضد الشعب الفلسطيني الذي يأتي في مقدمته الأسرى الذين تعج بهم سجون الاحتلال والذين باتوا بين عشية وضحاها يعانون من أمراض مزمنة وخبيثة مثل السرطان والفشل الكلوي والسكري وغيرها بسبب الممارسات غير الإنسانية والانتهاكات بالجملة ووسائل التعذيب المستمرة، إن هذه الجرائم المتوالية تكشف مدى ازدواجية المعايير وسياسة الكيل بمكيالين.

وتفضح حالة النفاق لدى كيان الاحتلال الصهيوني وحلفائه الداعمين، من خلال ما نراه من تناقضات مقززة تبين أن هناك خطوطًا حمراء لا ينبغي تجاوزها، وأن هناك أخرى خضراء بإمكان كل من له هدف أو مصلحة أن يتجاوزها، ففي الوقت الذي يمارس فيه كيان الاحتلال الصهيوني إبادة جماعية وجرائم حرب غير مسبوقة بحق الشعب الفلسطيني واعتبار هذه الممارسات خطوطًا حمراء لا يجب الاقتراب منها، تتدخل بعض قوى المجتمع الدولي المعروفة في الشأن الداخلي للدول العربية، وتتجاوز كل المحظورات والخطوط الحمراء للعبث بأمنها واستقرارها والتحريض بين شعوبها وتأجيج نار الفتنة بينها.

وفي تناقض صارخ، أقام الاحتلال الصهيوني مستشفى ميدانيًّا على أراضي الجولان السورية المحتلة لمعالجة وإيواء عناصر الميليشيات المسلحة والإرهابية التي تعبث باستقرار سوريا وأمنها، في الوقت الذي يمارس فيه إبادة بحق الشعب الفلسطيني وخاصة الأسرى الذين زفوا أمس خبر استشهاد شقيقهم الشهيد ميسرة أبو حمدية بعد صراع مرير مع مرض السرطان وبسبب منع كيان الاحتلال الصهيوني العلاج عنه.


إن هذه الجريمة بحق الأسير ميسرة تعد خرقًا صريحًا للقانون الدولي والبند 91 من اتفاقية جنيف، ولا يزال في سجون الاحتلال حوالي خمسة وعشرين أسيرًا فلسطينيًّا يعانون من مرض السرطان؛ أي أن مصير هؤلاء الأسرى لن يختلف عن مصير شقيقهم الشهيد، يضاف إليهم أولئك الأسرى المضربون عن الطعام وعشرات الحالات التي تعاني من أمراض مزمنة وبحاجة ماسة إلى العلاج.


لم يلجأ كيان الاحتلال الصهيوني إلى مثل هذه الممارسات لولا المنافقون من السماسرة وتجار الحروب الذين يتكاثرون حوله والذين جعلوه فوق القانون الذي يفقد مفعوله وتشل جميع المؤسسات والمنظمات الدولية الجنائية والعدلية حين يتعلق الأمر بالاحتلال الصهيوني، ما رأى في هذا النفاق المستشري ضوءًا أخضر يعطيه الحق في إبادة الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته.


وإزاء هذا النفاق ليس أمام السلطة الفلسطينية سوى التحرك نحو تفعيل وضعها الجديد في الأمم المتحدة للانتصار للشعب الفلسطيني ووضع حد لهذه الانتهاكات وجرائم الحرب الصهيونية، بدل الحديث عن المفاوضات العبثية ومحاولة كسر الجمود الحاصل فيها، وإذا لم تقم هذه السلطة بهذا الواجب فلا خير فيها ولا مبرر لوجودها وإلا فإن المحتل الصهيوني لن يرتدع، ومنافقيه لن يتوقفوا عن دعمه ومنافقته.
 

Email