علاقات واعدة بالمنفعة المشتركة

ت + ت - الحجم الطبيعي

إن نجاح سياسات الدول يأتي من قدرتها على إدراك الضرورات والمتغيرات في عملية البناء والتأسيس، وأهمية مواكبة التطورات، والتي يجب أن تتمتع بالديناميكية وحرية الحركة من خلال مد جسور الصداقة والعلاقات مع الآخرين، وعدم الانكفاء على الذات، والاستفادة من هذه الجسور فيما يخدم المصالح المشتركة، وما يميز السياسة العمانية الديناميكية والمرونة مع الأخذ في الاعتبار الركائز والمحددات التي أرادها قائد هذه المسيرة المباركة والتي تقوم على الاحترام المتبادل وتبادل المصالح .

وعدم التدخل في شؤون الغير واعتماد لغة الحوار أساسًا لحل مشاكل العالم، حيث كان لهذه السياسة المنطلقة من الرؤية الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ لها آثارها التي نشهدها اليوم متمثلة في الشهرة التي حظيت بها بلادنا في المسرح الدولي، والاحترام الكبير الذي تكنه دول العالم حكومات وشعوبًا للسلطنة.


وتعكس زيارة معالي ميشيل تامر نائب رئيسة جمهورية البرازيل الاتحادية للسلطنة، مدى ما وصلت إليه العلاقات بين البلدين من تطور متنامٍ، ورغبة لدى الجانبين في الاستفادة من الخبرات والتجارب والمقومات التي يتمتع بها البلدان الصديقان، ولا شك أن هذا كان أحد جوانب البحث خلال لقاء جلالة السلطان المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ بمعالي الضيف البرازيلي.


ومن المؤكد أن هذه الزيارة التي تستغرق ثلاثة أيام تمثل فرصة للبلدين في تطوير العلاقات ورفع مستوى عمليات التبادل التجاري والاستثماري، بما ينعكس إيجابًا على شعبي البلدين الصديقين، حيث ستكون اليوم وغدًا جلسات مباحثات تستكمل لقاء جلالته ـ أيده الله ـ لبحث السبل الكفيلة بتعزيز التعاون القائم بين البلدين الصديقين في كافة الميادين السياسية والتجارية والاقتصادية والثقافية والعلمية والتقنية والتكنولوجية.


إن جمهورية البرازيل الاتحادية أصبحت مثالًا للدول العصامية التي اعتمدت على ذاتها وبذلت كل جهد ممكن في سبيل استغلال مقوماتها ومساحاتها وثرواتها المعدنية والبشرية وخبراتها بما يعود بالخير والرفاه لشعبها، حيث تكاملت هذه الثروات الهائلة والطاقات والخبرات البشرية، ما جعلها قوة صاعدة في عالم اليوم حيث يحتل اقتصادها مرتبة خامس أقوى اقتصاد في العالم البرازيل. ولم تقف طموحات جمهورية البرازيل الاتحادية عند بناء اقتصاد قوي مزدهر.

بل تعمل على ثنائية الاقتصاد والسياسة، حيث تسعى البرازيل إلى تثبيت دورها وأهميتها العالمية من خلال السعي للعضوية الدائمة في مجلس الأمن، والقيام بوساطات لحل بعض الأزمات والمشاكل المزمنة في العالم كقضية فلسطين والملف النووي الإيراني، وتضطلع بدور الوسيط لتقريب وجهات النظر المختلفة.

وتشكل مع كل من روسيا والصين والهند وجنوب إفريقيا مجموعة بريكس أو نادي الخمسة الكبار، وهي مجموعة تمثل أكبر الاقتصادات خارج منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وهي تعد نادي الأغنياء بالنسبة للاقتصادات الناشئة، وتكتسب "بريكس" قوتها من قوة اقتصاداتها وقوتها البشرية الهائلة التي تصل إلى حوالي أربعين في المئة من إجمالي سكان العالم، ونسبة إنتاجها إلى الإنتاج العالمي حوالي ثمانية عشر في المئ.

وتعد ثاني أكبر دائن بعد اليابان، وتحتل برامج التنمية ومحاربة الفقر مرتبة أعلى في اهتماماتها، ويحظى هذا الوضع الاقتصادي والسياسي القوي بالاحترام من قبل الدول النامية، وبات ينظر إليها على أنها القطب القادم بقوة في عودة التوازن العالمي ومناصرة قضايا الشعوب وتحقيق الأمن والسلم الدوليين، والحد من الأحادية القطبية وسلبياتها المدمرة.


وما من شك أن ما تتمتع به السلطنة من مناخات استثمارية ومقومات سياحية واقتصاد مزدهر وواعد، وما تحظى به من استقرار سياسي وأمني مشجع، وكوادر مؤهلة ومدربة قادرة على العطاء والبذل، فضلًا عن الرغبة الأكيدة في الاستفادة من الخبرات والإمكانات البرازيلية، كل ذلك قد شجع البلدين على إرساء بداية لعلاقات اقتصادية واعدة تمثلت حتى الآن في شركة "فالي عمان لتكوير خام الحديد" لإنتاج كريات الحديد في مصنعها بميناء صحار الصناعي.

وقيام الطيران العماني بتوقيع اتفاقية شراء خمس طائرات برازيلية من نوع امبرير 175 وذلك مع شركة امبرير البرازيلية لصناعة الطائرات، بالإضافة إلى توقيع مذكرة تفاهم بين جامعة السلطان قابوس وجامعة فيسوسا الاتحادية بالبرازيل من أجل إعداد البحوث الخاصة بالآفات التي تصيب أشجار المانجو والليمون والنخيل بالسلطنة. والمؤمل بل والملموس من حرص قيادتي البلدين أن تشهد العلاقات العمانية البرازيلية تطورًا متناميًا في مختلف المجالات وبما يحقق المنفعة المشتركة.

 

Email