إرادة التنفيذ للقرارات العربية الجماعية

ت + ت - الحجم الطبيعي

مع انعقاد واختتام القمة العربية الرابعة والعشرين في العاصمة القطرية الدوحة، ازداد الجدل والنقاش في العديد من الأوساط حول القرارات العربية، ومدى الالتزام بتنفيذها، وما إذا كانت الأوضاع العربية التقليدية، والمستمرة في هذا المجال تغيرت، أو يمكن أن تتغير ؟

وبالرغم من الجهود الكثيرة والملموسة من جانب الدول العربية المضيفة للمؤتمرات والاجتماعات العربية، لإنجاح تلك المؤتمرات، والوصول بها إلى أوسع نقاط التوافق بين الأشقاء، إلا أن عملية تنفيذ القرارات العربية تظل مسألة أخرى، ليس لعيب في القرارات التي تخضع، أحيانا، لمناقشات وتعديلات كثيرة، ولكن لأن الدول العربية عندما تبدأ، أو تفكر في تنفيذ القرارات، فإنها على الأرجح تفكر بشكل قد يختلف، على نحو أو آخر، عن مناخ الاجتماعات واللقاءات الجماعية العربية، وما يدور في كواليسها من ناحية، وربما بتقييم مختلف، أو على الأقل غير متطابق مع التقييم السابق لها حول القضايا نفسها. ولعل ذلك هو ما يفسر حقيقة انه برغم ان نحو 95 % من القرارات الجماعية العربية تصدر بالاجماع، او شبه الاجماع، أي بموافقة كل الدول العربية تقريبا، إلا أن التنفيذ لا يتجاوز 15% من تلك القرارات.

وبالطبع فان عملية تنفيذ القرارات تتم، كما هو معروف وفق إجراءات كل دولة عربية، ومن ثم فان الاجتهادات تكون عادة كثيرة، في التفسيرات، وفي المدى الذي يمكن الوصول اليه. ولعل هذا الوضع هو المسؤول، الى جانب أسباب أخرى بالتأكيد، عن انخفاض مستوى الثقة في التزام الدول العربية بما تتخذه من قرارات في المنظمات والهيئات العربية، وفي مقدمتها بالطبع جامعة الدول العربية.

ومع ذلك فإنه لا مجال للقنوط او اليأس، ولا للتقليل من أهمية العمل الجماعي العربي، لأنه يظل أحد أهم أدوات العمل العربي اذا استطاعت الدول العربية تجميع قواها بشكل حقيقي، والعمل معا بما يخدم مصالحها المشتركة والمتبادلة. وذلك تحديدا هو ما نحتاجه الآن على الصعيد العربي، حتى يمكن الخروج من الأوضاع الصعبة والباعثة على القلق، التي تسود المنطقة وتعرض مقدرات عدد من دولها للتبديد والانهيار.

وبالرغم مما تم اتخاذه من إجراءات لمتابعة تنفيذ قرارات العمل العربي المشترك، وتكوين لجان ومجالس وغيرها، إلا أنه ثبت بشكل قاطع، على امتداد العقود الماضية، ان المسألة تعود إلى الإرادة السياسية العربية بوجه عام، ومدى توفرها، وارادة تنفيذ القرارات العربية الجماعية، وما يمكن ان تحققه من مصالح الدولة او الدول المعنية في النهاية بوجه خاص، لان كل دولة تنظر في النهاية الى مصالحها المباشرة، وإلى التزاماتها، القانونية والسياسية أيضا .

ومع ان الدول العربية تلتزم – كما هو معروف – بما توافق عليه من قرارات تصدرها جامعة الدول العربية، فان متابعة تنفيذ القرارات العربية تعد إحدى أهم الجوانب التي تحتاج إلى اهتمام كبير عند التفكير في تعديل آليات العمل العربي المشترك من خلال الجامعة العربية . اما مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وهو من المبادئ التي قام عليها ميثاق جامعة الدول العربية، فإنه يبدو أنه احترق أو تبخر في وسط ضجيج الربيع العربي
 

Email